بيانات حركة أحرار البحرين

أجندة الشعب يتصدرها التغيير السياسي، والخليفيون يفرضون أجندتهم 

ضمن سياسة “التذاكي” الخليفية السعي المتواصل لطمس أهداف الثورة البحرانية الحقيقية، ومحاولة استبدالها بـ “أهداف” لم تكن يوما من بين الأهداف الحقيقية. فليس هناك بحراني عاقل وشريف يشكك في ان كافة الحراكات السياسية طوال المائة عام الماضية كانت ذات مطالب سياسية أولا وأخيرا، وليس أي شيء آخر. هذا لا يعني قيام حراكات موازية ذات طابع معيشي او نقابي او حقوقي. فهذه تحدث في أغلب المجتمعات حتى المستقرة منها. وما يقض مضاجع الخليفيين ان شعب البحرين كان وما يزال، وسيبقى مطالبا بحقوق سياسية مشروعة لا يستطيع احد التشكيك فيها. فهل هناك إنسان حر يعترض على المطالبة بان يحكم الشعب نفسه؟ وهل هناك من يرفض المطالبة بدستور يكتبه الشعب بأيدي أبنائه؟ هل هناك من يتردد في دعم المطالبة بالتعددية والشراكة السياسية؟ ام هل هناك من يشكك في شرعية الدعوة للمواطنة المتساوية وان يكون هناك نظام سياسي قائم على مبدأ “صوت لكل مواطن”؟ وهل كان لدى الذين تحركوا في اول انتفاضة شعبية في العام 1922 أهداف تختلف جوهريا عما طرحه الذين شاركوا في ثورة 14 فبراير؟ كانت الثورة الاولى ضد نظام “السخرة” الخليفية التي مارسها الطغاة واستعبدوا بها البحرانيين، فكانت ثورة ضمير إنساني على الاستعباد والاستغلال والحكم العائلي والاستبداد والاستكبار والاضطهاد والقمع. ربما كانت في بدايتها محدودة، ولكنها تفاقمت وتوسعت حتى أدت لإسقاط عيسى بن علي آل خليفة بعد 54 عاما من الاستبداد والظلم.

الامر المؤكد ان الخليفيين وابواقهم يحاولون دائما للقفز على هذه الحقائق بأساليب شتى: اولها: تجاهل المطالب السياسية جملة وتفصيلا، والتظاهر بعدم وجودها، وتوجيه أبواقهم ومرجفيهم لعدم التطرق لها او  مناقشتها بأية صورة لعلمهم انها محقة ومنطقية وشرعية. ثانيها: وصف المطالبين بالحقوق السياسية بأبشع النعوت، فهم تارة “مخربون” وأخرى “متطرفون” وثالثة “إرهابيون”، ورابعة “حثالة لا يمثلون الشعب. وعندما يفشل في محاصرة الحراك الشعبي ورموزه يعمد لأسلوب آخر فيعلن عن “اكتشاف مخطط تخريبي مدعوم من الخارج، يهدف لقلب نظام الحكم بالقوة”. وما اكثر ما تكررت هذه السمفونية المملة، ولكنها لم تفت في عضد الأجيال البحرانية المناضلة التي توارثت النضال أبا عن جد. ثالثها: الاستعانة بالخبراء الأجانب والحكومات الاجنبية لقمع المطالبين بالحرية، وفي هذا المجال لم يوفروا اسلوبا قمعيا الا استخدموه ماضيا وحاضرا. فما الفرق بين إبعاد القادة الثلاثة: عبد الرحمن الباكر وعبد العزيز الشملان وعبد علي العليوات الى سانت هيلانة في مطلع العام 1957، وإبعاد العلماء والنشطاء عن البلاد، وفي مقدمتهم سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم؟ رابعها: محاولة حرف بوصلة النضال واستبداله بأجندته الخاصة لتخفيف الضغط على العصابة الحاكمة. وإلا ماذا يعني حصر الخطاب الرسمي بموضوع السجون وحقوق الانسان؟ لماذا الإسهاب في الحديث عن “العقوبات البديلة” و “السجون المفتوحة” وعدم الخوض من قريب او بعيد في الشعارات المرفوعة المستوحاة من المطالب السياسية المشروعة؟ لماذا لم يتطرق الإعلام الرسمي والأبواق الرخيصة ومحترفو الإرجاف للمطالب السياسية في أدنى مستوياتها التي طرحتها الجمعيات السياسية كالمملكة الدستورية والبرلمان كامل الصلاحيات ورئيس الوزراء المنتخب؟

لقد أصبح واضحا ما يريده الخليفيون. فهو يتلخص بما طرحه المقبور نايف بن عبد العزيز في العام 2011 عندما قال ان الحل ينحصر بعودة المتظاهرين الى منازلهم وترك الشوارع. كانت محاولة فاشلة ساهمت في إطالة الأزمة بتأجيلها وليس حلها. الطاغية اليوم يدفع نجله وبقية أفراد عصابته للتركيز على الجوانب الأمنية والحقوقية وتجاوز الطروحات السياسية. انه يحاول القفز على حقائق الماضي والحاضر. فحينما انطلقت ثورة 14 فبراير لم يكن هناك سوى عدد محدود من السجناء السياسيين، فلم تكن الثورة ترفع شعارات حقوقية او تطرح مسائل تتعلق بذلك أبدا. بل كان شعارهم منذ اليوم الأول: الشعب يريد إسقاط النظام. كان ذلك الشعار اختصارا لنضالات أجيال متعاقبة حملت راية التغيير في ظروف اللحظة الراهنة، وبدون مقدمات او توابل او بهارات. كانت رسالة المناضلين دائما التغيير السياسي. وكثيرا ما نجم عن ذلك النضال اضطهاد وإجرام وظلم وقمع من الجانب الخليفي، فتفرعت عن النضال الأصلي عناوين أخرى تتصدرها انتهاكات حقوق الانسان بكافة أصنافها. وسيظل الوضع هكذا عبر الأجيال ما لم يحدث التغيير. فهل حُكم على الوطن والشعب المعاناة الدائمة؟ ومن يقول ان العلاقة بين الخليفيين والبحرين أزلية؟ ما قال ان الحكم العائلي والقبلي يدوم الى الأبد؟ فاين الكيانات السياسية التي قامت باسم العائلات والقبائل؟ أين الأمويون والعباسيون؟ أين العثمانيون؟

ماذا يعني ذلك؟ الأمر الذي يفترض ان يتعمق في نفوس المواطنين وأذهانهم ان الديكتاتور لا يمكن ان يحترم حقوق الانسان، فذلك امر مستحيل. ولذلك فالسعي المتواصل لتحسين تلك الحقوق مع بقاء الديكتاتور في موقعه جهد ضائع. وأقصى ما يحققه ذلك الجهد تهدئة الألم فترة قصيرة فحسب. فمن يعاني من السرطان مثلا لا تجدي العقاقير المسكّنة إلا هامشيا، بتخفيف الألم برهة، مع بقاء المرض. وبعد مائة عام من النضال المتواصل ألم يتأكد ان الحكم الخليفي سرطان في جسد الوطن والشعب؟ فما أكثر النشطاء الحقوقيين الذين دافعوا عن المظلومين، وربما نجحوا قليلا في تخفيف آلامهم، ولكن هذه الآلام تتكرر بدون توقف. فمثلا الأستاذ حسن مشيمع اعتقل في الثمانينات وتعرض للتنكيل، ثم في التسعينات وفي الألفية وأخيرا في 2011. ماذا يعني ذلك؟ ان حقوق الانسان لا يمكن ان تحترم في ظل الحكم الخليفي، وان تحقيق أمن الوطن والمواطن وحقوقهما لن يكون ممكنا إلا بانتهاء حقبتهم السوداء الكالحة. الخليفيون يعرفون ذلك تماما، ولهذا فهم مستميتون في الدفاع عن حكمهم، وينجم عن هذه الاستماتة استمرار الانتهاكات. فهل سيسمح الخليفيون يوما بخروج تظاهرات ترفع شعارات التغيير؟ هل سيقبلون ببرلمان يقاضي رموزهم الفاسدة ويقول للطاغية الذي نهب أراضي الوطن وثرواته: من أين لك هذا؟

هذه الحقائق يجب ان تتضح لدى الشعب وثواره ورموزه ونشطائه. فلا بد ان يستمر العمل الحقوقي لتخفيف آلام الضحايا وتضميد جراحهم. ولكن العمل الأكثر إلحاحا يتصل بالعمل الهادف لتحقيق التغيير السياسي. قضيتنا في البحرين سياسية في أساسها، ولكن الخليفيين يسعون لتغيير اتجاهها بعد ان صنعوا لأنفسهم واجهات حقوقية تدفاع عن ظلمهم وإجرامهم. وما أكثر الضمائر الميتة والأجساد الخالية من الروح والشعور والكرامة. فلن يعدم الحاكمون يوما القدرة على توظيف المزيد من الأبواق التي ماتت ضمائر أصحابها وقلوبهم، وحصروا هدفهم في الحياة بتحصيل المال والجاه من أي مصدر وبأي ثمن. أولئك يقتاتون من أجساد ضحايا الإجرام الخليفي من الشهداء، ويلعقون الأنخاب من دماء الشهداء مثل كريم فخراوي وزكريا العشيري وعلي صقر وعبد الرسول الحجيري والمغدورين بالإعدام والاغتيال في شوارع البحرين وبحارها. هؤلاء المنافقون توعدهم الله بمضاعفة العاب: سنعذبهم مرتين. وما أكثر الاحاديث التي تصف مصير أعوان الظلمة يوم القيامة: عن رسول الله (ص) انه قال: ينادي مناد يوم القيامة : أين الظلمة وأشباه الظلمة وأعوان الظلمة حتى من لاق لهم دواة أو برى لهم قلما فيجمعون في تابوت من حديد فيرمى به في جهنم. ويروى عنه صلى الله عليه وآله وسلم قوله: من مشى مع مظلوم ليعينه على مظلمته ثبت الله قدميه على الصراط يوم القيامة يوم تزل فيه الأقدام ، ومن مشى مع ظالم ليعينه على ظلمه أزل الله قدميه على الصراط يوم تدحض فيه الأقدام.

اللهم اجعلنا من المظلومين ولا تجعلنا من الظالمين او أعوانهم.

اللهم ارحم شهداءنا الأبرار واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

حركة أحرار البحرين الاسلامية

22 اكتوبر 2021

زر الذهاب إلى الأعلى