بيانات حركة أحرار البحرين

مواجهة الفساد والاحتلال بعقلية الانفتاح ونمط المقاومة المدنية

منذ ان كتب على أهل هذا البلد الطيب ان يدخلوا ساحة الصراع مع الاحتلال الخليفي الغاشم من أوسع أبوابه، لم يأل أبناؤه جهدا في تقديم اروع ملاحم البطولة والصمود، سواء في المنازلات الكلامية ام المواجهات في الشارع ام في المحافل الدولية. انه صراع يتجدد ولم يتوقف قط الا في لحظات تاريخية قصيرة عندما بدا للمواطنين ان عقلية الاحتلال تقلصت، ولكن سرعان ما يبدو ان ذلك لم يكن غير سراب. هذا الصراع ساهم فيه أبناء البحرين الأحرار منذ الثلاثينات

مواجهة الفساد والاحتلال بعقلية الانفتاح ونمط المقاومة المدنية

 

منذ ان كتب على أهل هذا البلد الطيب ان يدخلوا ساحة الصراع مع الاحتلال الخليفي الغاشم من أوسع أبوابه، لم يأل أبناؤه جهدا في تقديم اروع ملاحم البطولة والصمود، سواء في المنازلات الكلامية ام المواجهات في الشارع ام في المحافل الدولية. انه صراع يتجدد ولم يتوقف قط الا في لحظات تاريخية قصيرة عندما بدا للمواطنين ان عقلية الاحتلال تقلصت، ولكن سرعان ما يبدو ان ذلك لم يكن غير سراب. هذا الصراع ساهم فيه أبناء البحرين الأحرار منذ الثلاثينات من القرن الماضي، وتواصل في العقود اللاحقة حتى الوقت الحاضر. انه  خلاف لا ينتهي الا بانتهاء عقلية الاحتلال التي تهيمن على رموز العائلة الخليفية، تلك العقلية التي تتهم شعب البحرين بانه “متأمر” ضدها، وتمنع قيام حكم القانون، لان القانون لا يستقيم مع الاحتلال، وترفض ان يشارك اهل البلاد في صياغة دستور انطلاقا من مبدأ “حق تقرير المصير”، وتصر على “إبادة” اهل البلاد الاصليين (شيعة وسنة) بالاستمرار في سياسة توطين الاجانب والتضييق على السكان الاصليين وتشجيعهم على العمل في البلدان المجاورة. ولذلك لم يكن مستغربا أبدا ان تعلن العائلة الخليفية في الصحف الاردنية مؤخرا عن وجود “وظائف شاغرة” بوزارة الكهرباء برغم وجود عشرات الآلاف من الشباب الباحث عن وظيفة. كما لوحظ هذا العام تقلص البعثات الدراسية للمتفوقين البحرانيين في الثانوية العامة، برغم تصاعد فائض الميزانية بسبب الارتفاع الهائل لمدخولات النفط. اما الاعلان مؤخرا عن توجيهات من الحاكم بتوفير السكن اللازم للمواطنين، فلا يمكن فهمه الا في اطار توسع نفوذ نجله، سلمان، في وضع اليد على ما بقي من الاراضي البرية واستلاب اموال الشعب لردم مساحات بحرية شاسعة. هذه الاراضي “المستصلحة” تتم بعنوان توفير السكن للمواطنين، ولكن سرعان ما يتضح ان ما يعطى منها للمواطنين لا يتجاوز نسبة صغيرة منها، بينما يستحوذ “الشيخ بحر” على اغلبها. انه فساد من أخطر الانواع، يتم علنا وفق تشريعات تشجعه، وبموافقة ضمنية من “لجان النزاهة” التي تكرس عقلية الفساد بأساليب تبعث على التقيؤ.

ومن المفارقات ان يعلن الدكتور ناصر الصانع، رئيس هيئة “برلمانيون عرب ضد الفساد”، عن عقد الاجتماع المقبل للهيئة في البحرين. انها فرصة للمواطنين الشرفاء المحاربين للفساد الخليفي، للعمل من اجل كشف هذا الفساد، بالتظاهر والاحتجاج وكافة وسائل المقاومة المدنية لفضح هذه العائلة الفاسدة امام الرأي العام. انها فرصة مناسبة، يجدر بالنشطاء الاستفادة منها والاسراع في التخطيط لفعاليات مدنية وتواصل اعلامي وسياسي مع المشاركين في الاجتماع، وتوفير الوثائق المدعومة بالصور للاراضي الشاسعة الخاضعة للاحتلال الخليفي المباشر، خصوصا صور المرافيء الخاصة الممتدة بطول سواحل البلاد، والجزر الكبيرة التي استحوذت عليها الرموز الكبيرة خصوصا ام النعسان وجدة وام الصبان وحوار. ونهيب بالمواطنين ايضا التحرك لانقاذ الجزيرة الصغيرة التي تحتضن قبر الامير زيد على الساحل الشرقي من البلاد، من خطة تدميره بشكل تدريجي الذي بدأ بمنع زيارته وتخريب معالمه. يضاف الى ذلك هذا الصمت المطبق على تدمير البيئة  البحرية بمعدلات غير مسبوقة، اذ يتم شق الطرق البحرية بالقرب من السواحل الضحلة لتستطيع اليخوت العملاقة التي سرقها ابناء العائلة الخليفية من اموال الشعب من الوصول الى المرافيء الخاصة في الجزر والسواحل المحتلة. اعمال الحفر هذه، بالاضافة الى عمليات الردم في السواحل الشمالية قد أحدثت دمارا في البيئة البحرية لم يحدث منذ قرون. فقد قضت على الصخور المرجانية الضرورية لأنواع عديدة من الأسماك والنباتات المائية، وبدأ بعض أنواعها في الانقراض. كما ادى ذلك الى ازدياد تسرب المياه البحرية الى المجمعات المائية الارضية، فتدمرت تلك الطبقات، بشكل لا يمكن اصلاحه ابدا.  انها جرائم على نطاق واسع تقتضي المسؤولية عدم تجاهلها او الصمت عليها. وليكن اجتماع هيئة مكافحة الفساد العربية منطلقا للعمل الجماعي المتواصل مع الجهات الدولية، خصوصا منظمة الشفافية الدولية التي استطاع النظام تحييد فرعها المحلي، باساليبه الخبيثة كالاغراء والتهديد والاحتواء.

وهكذا تتعدد الملفات التي تحتاج الى التعاطي الجدي من قبل الشعب البحراني الذي رفض إضفاء الشرعية  على الاحتلال الخليفي، خصوصا في المجالات الحيوية التي ترتبط بمصالح الناس وحقوقهم. فمنذ ان جاء الشيخ حمد الى الحكم، اصبح الشعب مهددا ليس في حقوقه فحسب، بل في وجوده ايضا، من خلال مشروع الابادة الجماعية التي يمثلها التجنيس السياسي الذي يتم باشراف الطائفي المقيت، خالد بن أحمد آل خليفة، وزير ديوان الشيخ حمد. هذه الابادة التدريجية تستهدف كافة ابناء البحرين وتحويل البلاد الى ملك خاص للعائلة الخليفية. وما تنامي ظاهرة الخلفنة الا أحد المؤشرات المهمة لذلك. فماذا يعني زيادة عدد المناصب الوزارية لأفراد العائلة الى 16 بعد ان كانوا خمسة في الحكومات التي شكلها خليفة بن سلمان في العقود الثلاثة الماضية؟ وماذا يعني صياغة دستور خاص بالعائلة بعيدا عن ارادة الشعب، ومنع المواطنين من المشاركة في صياغته او اقراره او الاعتراض عليه؟ وماذا يعني فرض شخصيات مكروهة من قبل المواطنين على رأس السلطة التنفيذية؟ وأي أصلاح هذا الذي يتجاوز ارادة الجماهير بشكل متواصل، ويتعامل مع الرأي العام بروح الاستعلاء والاستبداد، ويصر على أساليب الاكراه والاجبار ومصادرة حق المشاركة الحقيقية في الحكم والادارة والتشريع والقضاء؟

ان بلدنا يعيش اليوم أحلك ايام تاريخه، اذ يتعرض لسياسة مركزية مدعومة بكافة اشكال القوة لتنفيذ مشروع الابادة السكانية عن طريق التجنيس السياسي، ولا يحق لأحد مساءلة المسؤولين عما يمارسونه، او مطالبتهم بالتوقف عن تلك الممارسات. ولذلك فقد اصبح الطريق طويلا لوقف مشروع التخريب الخليفي، ولكنه طريق سوف يوصل، بعون الله، الى ما ينشده المواطنون من تغيير في جوهر النظام الجائر الذي أتى على الاخضر واليابس. هذا التغيير المنشود ليس أمرا سهلا، ولكنه ممكن برغم صعوبته. وتبدأ خطوات تحقيقه بتبني مشروع المقاومة المدنية، والسعي لتنفيذه تدريجيا لمنع استقرار النظام، لان استقراره يعني نجاح مشروعه، وذلك نجاح مضر بهوية البلاد وشعبها وثقافتها وتاريخها. لقد أرادتها العائلة الخليفية “حرب وجود” شاملة ضد أهل البحرين، وسعت لتنفيذها بأساليبها الماكرة التي تتبنى في ظاهرها وسائل مقبولة، ولكنها تختزن الكثير من الحقد والبغضاء والكراهية. ولو كان هذا النظام يضمر شيئا من الرغبة في التعايش السلمي مع اهل البلاد لما مارس الظلم جهارا نهارا، ولما منح كلابه ووحوشه حصانة ضد المساءلة او المحاسبة. فها هو يمنع بشكل قاطع تقديم سؤال واحد للسيء الصيت، أحمد عطية الله آل خليفة، شقيق المعذب الشهير، عبد العزيز عطية الله آل خليفة، من قبل الاعضاء المنتخبين بمجلس الشورى حول دوره كمسؤول رئيس في الخلايا البندرية التي تمارس الاجرام على اوسع نطاق ضد شعب البحرين. وكان الحكم قد أصدر قانونا سيئا يمنح مرتكبي جرائم التعذيب من المحاسبة والمساءلة، في انتهك صارخ لمعاهدة منع التعذيب التي تدعي الحكومة انها وقعت عليها. فنظام الحكم القائم يشجع الفساد السياسي والمالي والاخلاقي بدون حدود، ويحمي من يمارس ذلك الفساد، بل يشجع عليه باساليبه وتوجهاته.

الامر الايجابي في هذه المعمعة كلها ان الوعي الجماهيري يتطور تدريجيا، وان هناك شعورا بعدد من الامور: اولها تعمق ثقافة المقاومة كاسلوب ثابت في مواجهة الاحتلال الخليفي، وثانيها: تصاعد الشعور بالوعي الوطني البحراني كاطار لجمع شمل المقاومين والمعارضي، وثالثها: استحالة التعايش بين اهل البحرين (شيعة وسنة) ونظام الاحتلال الخليفي ما دامت عقلية الاحتلال قائمة وما دام شعب البحرين يعامل بتلك العقلية. رابعها: ان انتهاء عهد خليفة بن سلمان، رئيس الوزراء الحالي، وصعود الشيخ حمد ونجله كشف مجددا عمق الشعور الطائفي لدى النخبة الحاكمة الجديدة، خامسها ان هناك شعورا بحتمية  انتصار ارادة الشعب واندحار عقلية الاحتلال والاستئصال، وكل ذلك عوامل مشجعة لاستمرار النضال حتى تتحقق آمال اهل البحرين بسقوط الحقبة  السوداء الجاثمة على صدور المواطنين، بدون رجعة.

زر الذهاب إلى الأعلى