بيانات حركة أحرار البحرين

ما دورك في حرب الوجود؟

ثمة مسألة جوهرية ما تزال غائبة عن الكثيرين من المهتمين بالشأن العام، من العلماء والنشطاء والمثقفين وعناصر التحرك الميداني، وما لم تتضح بشكل أكبر فلن تأخذ المقاومة لنظام الاحتلال الخليفي البعد المطلوب لانهاء ذلك الاحتلال. هذه المسألة تتضح اذا تمت الاجابة على السؤال التالي: ما طبيعة الحكم الخليفي؟ لا شك ان اجابات متعددة سوف تطرح للاجابة، ولكن من الضروري استدراك بعض الحقائق. الاولى ان آل خليفة لا ينتمون تاريخيا للبحرين، كما هي العائلات الحاكمة في بقية دول مجلس التعاون الخليجي.

 هؤلاء جاؤوا من نجد في ذروة عهد القرصنة الذي تزامن مع حالة المجاعة التي عمت الجزيرة العربية. تحرك هؤلاء نحو الكويت في بداية القرن الثامن عشر، وفي منتصفه انتقل آل خليفة والجلاهمة منها الى قطر، قبل ان تعتدي العائلة الخليفية على البحرين في 1783، وتحتل ارضها، وتمارس الاضطهاد الواسع النطاق ضد أهلها.

الحقيقة الثانية: ان آل خليفة لم يندمجوا في المجتمع البحراني ماضيا او حاضرا، بل أصروا على العيش خارج المجتمع البحراني. فقد عاشوا في المحرق في البداية، ولكنهم لم يستطيعوا التعايش مع ابناء المحرق، فاتخذوا مقرا لهم في الرفاع، وبقوا هناك بدون ان ينصهروا في المجتمع. وحتى هذه اللحظة، يمنع على البحرانيين تملك الاراضي في الرفاع، ولا يسمح آل خليفة لأي من افرادهم بالتزاوج مع غيرهم، والا فقد لقبه وامتيازاته.الحقيقة الثالثة: ان الحكم الخليفي دعمته بريطانيا منذ بداياته، وتمثل اتفاقية 1820 أول وثيقة رسمية تؤكد هذا الدعم والرعاية. وكان البريطانيون يحكمون البلاد بشكل مباشر على مدى 150 سنة حتى انسحابهم في 1971. وخلال تلك الفترة كانوا عبارة عن وكلاء للاستعمار البريطاني
.
الحقيقة الرابعة: ان المرة الاولى التي حظي الحكم الخليفي بقبول المواطنين كانت عبر الدستور الذي كتبه أهل البحرين بأيديهم، بالتعاون مع ممثلي العائلة الخليفية، والذي أقر في 1973. واستند الطاغية خليفة بن سلمان لهذا الدستور كأساس وحيد لشرعية الحكم الخليفي ما بعد الاستعمار البريطاني
.
الحقيقة الخامسة: ان الحاكم الحالي، حمد بن عيسى آل خليفة، ألغى ذلك الدستور، واصبح يضلل الرأي العام بان ميثاقه الذي فرضه على الشعب هو مصدر شرعية الحكم. الحقيقة السادسة، ان ذلك الميثاق لم يتم اقراره الا بعد ان قدمت العائلة الخليفية عددا من الضمانات والوعود وقع الحاكم عليها بيديه، وأطلقها كل من ولي عهده ووزير عدله في الاعلام المحلي. الحقيقة السابعة: ان الحاكم تخلى عن ذلك الميثاق بعدم الوفاء بالتزاماته،

الحقيقة الثامنة: ان الميثاق اصبح لاغيا لان سريانه يحتاج لدعم الطرفين، فهو اتفاق تخلى أحد طرفيه بمقتضياته عندما ألغى الدستور الذي يوفر الشرعية الشعبية للحكم.

السنوات السبع الاخيرة اكدت غياب اي اتفاق بين اهل البحرين والبيت الخليفي. ويمكن القول ان الكراهية الشعبية لهذا البيت لم تصل يوما الى المستوى الذي بلغته في الوقت الحاضر، وسوف يسجل التاريخ ان حمد بن عيسى آل خليفة أسوأ حاكم شهدته البلاد، وانه هو المسؤول عن تحول عائلته الى قوة احتلال غاشمة لا تلتزم بالعهود والوعود والمواثيق. المسالة الجوهرية التي تبلورت خلال صراع السنوات السبع الحافلة بالنضال المتواصل والتضحيات الجسام، ان كلا من الطرفين اصبح يخوض “حرب وجود”. فالبيت الخليفي الذي يقوده حمد وعصابته يعتقد انه حقق انجازا كبيرا بالخديعة الكبرى التي مررها بميثاقه، وان اي تنازل عن دستورهم المفروض سوف يفتح المجال امام ممارسة اكثر تحررا تفضي الى اعادة تثبيت الحقائق التاريخية التي تؤكد هوية الشعب وتاريخه وثقافته (والشعب هنا يتكون من شيعة وسنة تعايشوا على مدى قرون متعاقبة ضمن اطر من الاخوة والتآلف والحب والاحترام، ولكل منهما تاريخه ومذهبه وثقافته).

هذا الاتجاه في العائلة الخليفية يعتقد ان بامكانه، ان استمر في سياساته القائمة على الترهيب والترغيب من جهة والتضليل والتشويش من جهة اخرى، ومن جانبه يعتقد شعب البحرين بانه هو الآخر يعيش “حرب وجود” ضد نظام الاحتلال الخليفي لاسباب عديدة: اولها ان عقلية حمد بن عيسى منبثقة عن عقدة تاريخية بعدم الانتماء لهذه الارض والوطن، فهي عقلية “احتلال” في لغة الواقع وعقلية “فتح” في لغتهم الخاصة بهم. الثانية ان المشروع السياسي لحمد بن عيسى ألغى مبدأ الشراكة السياسية كأحد المقومات الاساسية لنظامه السياسي، فالشعب ليس شريكا في كتابة الدستور، وفق الاتفاقات التي تحققت بعد الانسحاب البريطاني. والدستور هو جوهر النظام السياسي الذي يحدد نمط الحكم وأسسه وحقوق الاطراف المشاركة في صياغته ومسؤولياتهم. الثالثة ان حمد بن عيسى سعى لاستبدال شعب البحرين بشعب آخر استورده من كافة الاصقاع عبر مشروع التجنيس السياسي الرهيب. الرابعة: ان حمد بن عيسى ألغى مبدأ الحوار مع الشعب، وقرر تشكيل مجالس ضورية يخوض افرادها حروبا ضد بعضهم على اسس طائفية وشخصية، ولا تتطرق للجهة الاساس، اي العائلة الخليفية، التي أسست هذه المجالس لتحقيق عدد من الامور: اولها تقنين الصراع بين مكونات الشعب على اسس مذهبيية وايديولوجية وعرقية، وثانيها والقضاء التدريجي على شعلة المقاومة التي ما تزال متوقدة في نفوس المواطنين ضد نظام الاحتلال، وثالثها: حماية النظام باصدار قوانين جائرة (بطرق توصف بانها ديمقراطية) مثل قوانين الصحافة والتجمعات والارهاب والمولوتوف، ورابعها استعمالها كمادة دعائية امام المحافل الدولية للادعاء بوجود “ديمقراطية” و “انتخابات” و “دستور“.

الامر الذي لم يعد ثمة جدال بشأنه وجود طرفين متناقضين يعتقد كل منهما باستحالة التعايش مع الآخر. فماذا يقتضي ذلك؟ هل يستسلم البحرانيون (شيعة وسنة) امام هذا الاحتلال الغاشم؟ هل يتخلون عن عقولهم وكرامتهم وانسانيتهم ويستسلموا لنظام استعباد يمارس ابشع ممارسات النهب والسرقة والاقصاء ويلحق أبشع أشكال التنكيل بالمناضلين والاحرار مستعينا بالاجانب؟ هل يصدق عاقل بان الحكم الخليفي يضع (بنفسه وارادته المحضة وبدون مشاركة الشعب) دستورا او قوانين او انظمة توفر للطرف الآخر (ابناء البحرين) ادوات قانونية تلغي امتيازاته وهيمنته وعقليته وتؤدي في النهاية الى انتهائه؟ من هنا، جاء قرار الأحرار بمواصلة درب النضال الذي خطه الآباء والأجداد، بدون خوف من أحد الا الله، او خشية الا من ردع الضمير وخفقان القلب، متوكلين على الله، مستمدين منه العون، ومنطلقين على اسس اسلامية راسخة بوجوب التصدي للظلم والانحراف والاستبداد والقمع والعدوان. هذا هو ديدننا حتى نلقى الله منتصرين على الشيطان واعوانه، واثقين بصدق وعده الكريم: أ،هم لهم المنصورون، وان جندنا لهم الغالبون“.
اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
10
أبريل 2009

زر الذهاب إلى الأعلى