بيانات حركة أحرار البحرين

معالم خطين لحركة المعارضة التي شطرها المشروع الخليفي

في ضوء التباين في الموقف ازاء سياسات الحكم الخليفي، اصبح أمراضروريا توضيح معالم التيارين العاملين في الوسط السياسي البحراني. وكما ذكر البيانالسابق، فالهدف من ذلك تهدئة الساحة والابتعاد عن التراشق، والتوقف عن محاكمةالنوايا والتشكيك في المنطلقات.

 هذا لا يعني ان هذا الهدف سيتحقق كاملا (اي منعالتراشق والمهاترات غير المجدية) خصوصا مع وجود جهات مغرضة تسعى للايقاع بينالمواطنين، يضاف اليها عناصر تنطلق على اساس العاطفة والعصبية، فتتجاهل الجوهروتتشبث بالقشرة، وتبالغ في التركيز على الجوانب المشوشة: “وأما الذين في قلوبهم مرضفيتبعون ما تشابه منه، ابتغاء الفتنة“. والأمل ان تساهم هذه الايضاحات في توفيرالفرصة لعذر الآخرين واعتبار مواقفهم قائمة على اساس علمي وموضوعي وليس مرتبطابالرغبات الشخصية والاهواء.
تيار المقاومة يؤسس مواقفه ومنطلقاته على الحقائق التالية:


اولا: ان الخلاف مع العائلة الخليفية ليس حول اداء الحكومة ومدى كفاءةالوزراء وسياساتهم، بل حول الحكم نفسه. والحكم هنا يعني الدستور، فهو الذي يحددنظام الحكم. وما دام الدستور الذي فرضه حمد بن عيسى آل خليفة على البلاد لم تكتبهأيد بحرانية، فان هذا التيار يرفضه جملة وتفصيلا.


ثانيا: ان هذا التيار يميز بين “نظام الحكم” و “العائلة الخليفيةفبينماتسعى هي لاحتكار الحكم، وتعتبر نفسها هي “الحكم” يرى التيار ان نظام الحكم يحددهالدستور، وان الحكم الخليفي جانب واحد من هذا النظام.


ثالثا: انه يعتبر الحكم الخليفي حالة طارئة وليست أزلية، فالعلاقة بينهاوبين البحرين لن تدوم الى الأبد، وبالتالي فالحكم الخليفي ليس من الثوابت الوطنية،بل مشروط بموافقة الشعب ضمن اطر دستورية يتفق عليها الطرفان.
انه يعتبر الميثاق الخليفي لاغيا بعد ان أخلف الحاكم وعوده التي قدمها قبيل التصويت على ذلك الميثاق، وما دام قد فشل في الالتزام بجانبه من الصفقة (الميثاق) فان تلك الصفقة فقدت قيمتها وأصبحت لاغية.


رابعا: انه يعتبر الدستور المفروض حاليا على اهل البحرين فاقدا للشرعية، فهو لم يكتب بأيد بحرانية، ولم يتم التصويت عليه في استفتاء شعبي، وجاء مخالفا للشروط التي قدمت للشعب قبيل التصويت على الميثاق الخليفي.


خامسا: ان رفض الدستور الخليفي للعام 2002 ينجم عنه عدد من الامور: اولها رفض تسجيل الجمعيات على اساس القوانين الناجمة عن ذلك الدستور، وثانيها: عدم المشاركة في اية انتخابات تقوم على اساس ذلك الدستور، وثالثها: ان الهدنة التي توصل الطرفان اليها بعد التصويت على الميثاق الخليفي اصبحت لاغية، وان النضال ضد الحكم الخليفي متواصل بدون انقطاع حتى يستعيد شعب البحرين حريته. خامسها: ان المقاومة تعتبر الحكم الخليفي “احتلالا” لانه لا يستند الى موافقة شعبية في ظل غياب الدستور الذي ينظم الحكم.


سادسا: ان المقاومة تسعى لاسقاط الحكم، والحكم، كما تمت الاشارة، يعني الدستور، ولا يعني العائلة الخليفية، فالمقاومة تسعى لاسقاط ذلك الدستور لانه كتب بأيد أجنبية ولم يحظ باقرار شعبي عبر استفتاء مفتوح.


سابعا: ان المقاومة ستواصل نضالها السلمي المشروع بأساليبها المعهودة. ويرى التيار ان المقاومة المدنية تمثل الوسيلة الاولى في نضاله ضد الاحتلال الخليفي. وهذه المقاومة تنطوي على “العصيان المدني” اي العمل خارج الاطر والاوامر الخليفية. فهي مثلا، تدعو للاحتجاج والتظاهر في اي زمان او مكان ضد الاحتلال الخليفي، وتقيم أطرا سياسية وحقوقية خارج القوانين الخليفية، ولا تسعى لطلب الاعتراف من العائلة الخليفية، ولا تطلب الاذن منها لتنظيم مسيرة احتجاجية او تأسيس جمعية او مركز او صحيفة. فهي تعتبر نفسها في مواجهة مفتوحة مع العائلة الخليفية طالما رفضت تلك العائلة التخلي عن عقلية الاحتلال التي تحكم بها البلاد. وهي مقاومة متواصلة عبر الزمان والمكان، وبكافة الوسائل السلمية المشروعة.


ثامنا: ان تيار المقاومة يمتلك خصائص عدة: اولا يمتلك ثقة عالية بنفسه، وثانيا: يعتقد ان الشعب قادر على احداث التغيير بالمثابرة والصبر، ثالثا: يؤمن بان التغيرات العالمية والظروف العامة تدعم حركات التغيير المناوئة للاستبداد والديكتاتورية، رابعا: ان الأجر على قدر المشقة، والأهداف الكبيرة يحتاج تحقيقها لتضحيات بحجمها، خامسا: انه لا ينتظر ان يتم التغيير لا على ايدي الشعب القادر، اذا أحسن توجيهه وتثقيفه وتشجيعه، على الصمود بوجه الطغيان والظلم الخليفيين.


تاسعا: ان المقاومة تستمد شرعيتها من الاسلام الذي أجاز للمظلومين حق الدفاع عن أنفسهم: “أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا، وان الله على نصرهم لقدير، الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق الا ان يقولوا ربنا الله”. وتؤسس مواقفها على الاحاديث الكثيرة المروية عن رسول الله واهل بيته عليهم السلام، والتي تمنع التعاون مع الظالمين او التطبيع معهم الى درجة منعهم من التعاون مع الطغاة حتى في بناء المساجدلا تعنهم على بناء مسجد”، وتستوحي موقفها من مقبولة صفوان الجمال، الذي عاتبه الامام الصادق لتأجيره جماله للحاكم نظرا لظلمه. وتعتبر ان المشاركة معهم يعود بالخسارة على المؤمنين ويكرس الضرر، كما يقول الامام زين العابدين عليه السلام لأحد أصحابه، أبي مسلم الزهري: “فما أقل ما أعطوك، في قدر ما أخذوا منك، وما أيسر ما عمروا لك، في جنب ما خربوا عليك“.


عاشرا: ان التيار يضم في صفوفه علماء كبارا، يساهمون في ترشيد مسيرته ويوجهونه على الطريق الذي يرضي الله سبحانه وتعالى، ويسعون لـ “اقتلاع الضرر” لان بقاء جذوره سيجعله (الضرر) قادرا على تجديد نفسه، فما ان يخف في مجال حتى يتضاعف في مجال آخر، ما دام مصدر الضرر والشر موجودا.


وفي المقابل يرى التيار الآخر، حسب فهمنا لاطروحاته، عكس هذه الاطروحات، فهو يرى ما يلي:
اولا: انه يقبل الدستور من الناحية العملية، ويقسم على الالتزام به وحمايته. ولا بد من الاشارة الى ان بعض رموز هذا التيار يقول بانه يعمل لاصلاح ذلك الدستور، بينما يرى تيار المقاومة ان المسألة ليست اصلاح الدستور بل الغاؤه لانه أسس على أساس إلغاء شعب البحرين من الشراكة السياسية، فهو (الشعب) غير موجود من الناحية العملية في صياغة الدستور.


ثانيا: وتأسيسا على إقرار الدستور الخليفي، فان التيار الآخر يؤمن بالالتزام بذلك الدستور، فيسجل جمعياته ومؤسساته للعمل ضمنه، ويشارك في انتخابات المجالس على ضوء ذلك الدستور.


ثانيا: انه يعتبر الحكم الخليفي من الثوابت الوطنية، اي من الامور التي لا تخضع للنقاش او الاعتراض لانها من الثوابت.


ثالثا: هذا التيار ليس لديه مشكلة مع “الحكم” بل مع الحكومة. فهو لا يناقش الحكم، ولا يميز بينه وبين العائلة الخليفية، بل يعتبرهما شيئا واحدا، ولكن مشكلته مع الحكومة. فهو يعترض على بعض قراراتها، ويسعى لاستجواب وزرائها، ويتهم المقصرين منهم، ويطالب الوزارات بتحسين ادائها، فهو يعمل كمعارضة من داخل النظام، وليس من خارجه.


رابعا: انه يلتزم بالدستور والقوانين الخليفية، ولا يسعى لاثارة العائلة الخليفية في هذه القضايا. ويعتقد انها لا تقبل بـ “كسر هيبة الحكومة” ولذلك يسعى لتفادي ذلك. ويرى بعض رموزه ضرورة العمل لـ “كسب ثقة الحكومة“.


خامسا: انه لا يرى العمل خارج القوانين الرسمية. فاذا أراد تنظيم مظاهرة، فانه يسعى للحصول على اجازة رسمية بذلك، ويرفع اعلام الدولة الخليفية لاثبات الولاء للوطن، فهو يمزج بين الولاء للحكم الخليفي والولاء للوطن. واذا خرجت مسيرة بهذا المنوال، فان القائمين عليها يخضعونها لشروطهم، فيمنعون رفع الشعارات التي لا توافق تلك الشروط، او التي تغضب رموز العائلة، ويرفضون خروج اية مسيرة ليس لدى منظميها تصريح رسمي.


سادسا: انه يعتقد بعدم إمكان إحداث التغيير المنشود بسبب ما يسميه “الظروف الاقليمية والدولية”، وبالتالي فليس هناك مجال الا مسايرة الحكم والسعي لانقاذ ما يمكن انقاذه. فمن غير العقلانية، في نظر هذا التيار، المراهنة على الموقف الشعبي، وان امريكا والسعودية لن تسمحا بذلك التغيير.


سابعا: ان التيار يعتقد بان مواجهة الظالمين يحتاج الى غطاء شرعي، ويفترض ان اية مواجهة، حتى لو كانت سلمية، سوف تؤدي الى إراقة الدماء، وان المراجع هم المخولون بمنح الترخيص لذلك.


ثامنا: ان التيار يعتقد ان من الافضل الانخراط في العمل السياسي حتى لو كان وفق الشروط الخليفية (التي ينظمها دستورهم وقوانينهم)، فذلك أفضل بهدف “التقليل من الضرر”. وليس لدى بعض رموز التيار مانع من امرين: التخلي عن الدستور عمليا بالقسم على الدستور الخليفي، الذي يتضمن ا لتخلي عن مبدأ الشراكة المجتمعية في صياغة النظام السياسي، والثاني: المطالبة الجادة عن مشروع التجنيس السياسي الذي يتبناه رأس الحكم شخصيا. ويقول بعض هؤلاء ان مقاومة حمد بن عيسى غير ممكنة، وبالتالي يكتفون بالمطالبة الكلامية بالغاء التغيير السكاني لان اية مطالبة اكبر من ذلك قد تؤدي الى اراقة الدماء، وبالتالي عدم شرعيتها.


هذه ملامح عامة لمميزات التيارين، ولا بد من الاعتراف بان هذه الملامح قد لا يتفق عليها رموز الطرفين، ولذلك نهيب بالاخوة المؤمنين ممارسة قدر من ضبط النفس والتحلي بالحكمة والجدال بالتي هي أحسن، لتوضيح ما هو موضع اختلاف. وقد عمدنا لهذا الطرح لتأكيد مسألة مهمة وهي القناعة بعدم امكان اعادة دمج التيارين نظرا لتباعدهما الفكري والايديولوجي، مع إمكان الحفاظ على قدر من الاحترام المتبادل والابتعاد عن التراشق الكلامي ولغة التخوين والتشكيك في النوايا. فتلك ليست من صفات المؤمنين الذين يخافون الله سبحانه ويخشون عقابه ويحسبون كل كلمة يطلقونها ويعلمون انها مكتوبة في ميزان اعمالهم. والأمل ان يؤدي هذا التوضيح لطي صفحة الخلافات على اساس وجود اختلاف جوهري بين تيارين على ان يتعاونا في ما هو مشترك بينهما، ويتعاذرا في القضايا الخلافية. ومن الخطأ الكبير السعي لاقصاء أي مواطن او توهينه او التشكيك في مصداقيته، ايا كان موقفه.
قل كل يعمل على شاكلته، فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا


اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وتقبل قرابيننا يا رب العالمين
حركة احرار البحرين الاسلامية
1
مايو 2009

زر الذهاب إلى الأعلى