بيانات حركة أحرار البحرين

سنوات عجاف كرست الاحتلال وشروره واضراره


يخطيء من يعتقد ان النظام الخليفي يؤمن بمشروع ديمقراطي يسمح بمحاسبة مسؤوليه ووزرائه عما يمارسونه من فساد مالي واداري على نطاق بلا حدود. ولا يصيب من يدعو لوقف النضال الوطني الذي يقاوم العقلية الاحتلال التي يتعامل بها هذا النظام مع ابناء الارض وشعب أوال الاصيل. ويكفي القاء نظرة على السنوات الاخيرة التي سعى البعض خلالها لما أسماه “إعادة الثقة” للعلاقة بين اهل البحرين والعائلة الخليفية، ليكتشف ان الوضع ازداد سوءا على كافة الصعدان.

فعلى صعيد الحكم كرس الطاغية حكمه الفردي بشكل غير مسبوق في تاريخ البلاد، حتى  اصبح البعض يخشى من طرح بعض المبادرات لان ذلك يصطدم برغبة الطاغية الامر الذي قد يؤدي الى ما لا تحمد عقباه. وعلى صعيد ايديولوجية الحكم، تبنى الديكتاتور مشروعا طائفيا مقيتا طرحه  وزير ديوانه، خالد بن أحمد آل خليفة، قبل اكثر من عشرة  اعوام في شكل “شعر” بدوي، أعلن فيه عن رغبته في اقصاء الشيعة الى جزيرتي “حوار” و “جنان” وتمكين السيف من رقابهم. اما على المستوى الامني فقد فرض طوقا أمنيا تفوق في شراسته وارهابه على ما مارسته قوات الشغب خلال الانتفاضة الشعبية في التسعينات. فاعتقل الابرياء ووجهت لهم التهم الملفقة، ومورس التعذيب بانماط جديدة شملت الاعتداءات الجنسية على نطاق واسع، كما ظهر مؤخرا في افادات شباب كرزكان. اما في الجانب الاداري، فقد فرض الطاغية ابناء عائلته على صدور العباد، ومكنهم في المناصب العليا للدولة بمعدلات لم يسبق لها مثيل.

وثمة ظاهرتان لم يكن الحكم الخليفي قد مارسهما في السابق بالوتيرة الحالية نفسها. ففي مجال التجنيس السياسي، أمعن الحاكم في مشروع التغيير الديمغرافي، بتوزيع الجنسية البحرانية على الاجانب من كافة اصقاع الارض، ومارس ابشع انواع الكذب للتعتيم على تلك السياسة الخبيثة. وحتى الآن فانه يرفض الافصاح عن اعداد المستوطنين الذين جاء بهم لاحكام قبضته  على الارض وتهميش اهلها. وسخر اعلامه للامعان في الكذب والتضليل وتزوير الحقائق، مدعيا انه جنس من البحرانيين من اصل فارسي اكثر من بقية الاجناس، وهي كذبة لا مثيل لها. وحين يصبح الكذب سياسة رسمية لاي نظام يستحيل التعايش معه. اما الظاهرة الا خرى التي فرضها وتنامت في السنوات الاربع الاخيرة، فتتمثل بالطائفية المقيتة التي لم يكن اهل البحرين يستسيغونها سابقا. فقد عاشوا إخوة متحابين، متعاضدين في موقفهم النضالي ضد الاستبداد الخليفي طوال الحقب الماضية. يضاف ا لى ذلك سياسات الحاكم في تجويع اهل البحرين وحرمانهم من السكن والوظيفة. فقد مارس هذا النظام سياسة الدعاية الخاوية، اذ يعلن عن بناء مدينة هنا واخرى هناك لايهام المواطنين بجديته في حل مشكلة السكن، ولكن ما ان يكتمل بناء منازلها او ردم ارضها حتى يصادرها ويحصر توزيعها بالفئات المقربة منه، ويحرم المواطنين منها، كما حدث مع مشروع المدينة الشمالية. وبالغ الحاكم في جبروته وازدرائه بمجالسه الصورية  التي شكلها لتضليل الراي العام، عندما رفض الالتزام باي قرار يصدر عن هذه المجالس. فعندما اصدر مجلس الشورى الذي ينتخب نصف اعضائه، قبل ثلاثة اعوام قرارا ضد القرار الخليفي بغلق مكتب مقاطعة “اسرائيلرفض الالتزام به وبقي المكتب مغلقا. وفي الايام الاخيرة اصدر ذلك المجلس الصوري قرارا ضد التطبيع مع الكيان الاسرائيلي، ومن المتوقع تجاهل ذلك القرار جملة وتفصيلا. هذه المجالس لا تملك سلطة تنفيذ القرارات، ولا تستطيع مساءلة رموز العائلة الخليفية الذين يرتكبون الجرائم بدون حساب. فعندما بعث وزير الخارجية وفدا رسميا للكيان الاسرائيلي قبل بضعة شهور لم يتم محاسبة ذلك الوزير. وعندما دعا ولي العهد الخليفي العرب للتطبيع مع الصهاينة بالكتابة في اعلامهم، لم يجرؤ واحد من اعضاء تلك المجالس اصدار بيان ضده او المطالبة بمحاسبته. اما الحاكم الطاغية فقد اصدر قراره بتجنيس اليهود ولم يصدر بيان واحد من اي من الجهات التي تعتقد بامكان التغيير من داخل النظام، يشجب تلك الجريمة ويطالب بالتحقيق فيها. أليس ذلك تراجعا مهينا، وتكريسا للظلم والاستبداد وكافة الشرور التي تنتج عن عقلية  الاحتلال؟

ولذلك يمكن القول بان التجربة  السياسية في السنوات الاربع الاخيرة كرست الضرر على  اوسع نطاق. الامر الذي لم تنجح فيه تلك التجربة القضاء على روح المقاومة التي تزداد تعمقا ضد الاحتلال الخليفي. فقد بقيت المقاومة محتدمة تعبر عن نفسها بالقطيعة النفسية المتاصلة في نفوس البحرانيين للحكم الخليفي، وتتخذ اشكال الاحتجاج اما في الشوارع العامة او في المنتديات الالكترونية او الاجتماعات العامة. ولذلك بقيت البحرين متميزة عن بقية دول مجلس التعاون بانها البلد الوحيد الذي لم تخمد فيه روح المقاومة الشعبية ضد النظام أبدا، بل تواصلت، وفشلت كافة اساليب القمع والترهيب في احتوائها. انها قصة نضال طويلة بدأها الأجداد، وتواصلت عبر العقود، ولن يستطيع احد وقفها لانها تعبير عن ظلامة شعب واغتصاب أرض وسلب أمة. هذه المقاومة اصبحت تضغط على الحكم الخليفي الارهابي بشكل غير مسبوق، فوجه أبواقه وعملاءه خصوصا من المرتزقة والمستوطنين لاستهداف النشطاء تارة بالقتل، واخرى بالتعذيب، وثالثة بتشويه السمعة، ورابعة بالحملات الاعلامية، وخامسة بتحريض حكومات الدول التي يلجأ الاحرار البحرانيون ا ليها، ولكنه لم ينجح. كما فشلت كافة الاساليب الهادفة للتطبيع مع هذا النظام الباغي، واصبح واضحا لدى الجميع ان حركة المقاومة وجدت لتستمر وتواجه العدوان والاحتلال بلا هوادة.

ان شعبنا يعيش فصلا آخر من الجهاد من اجل الحفاظ على الهوية التاريخية والثقافية للبلاد، واسترداد الحقوق السليبة وتحرير الاراضي التي استوطنها المحتلون الخليفيون، وشيدوا عليها قصورهم بينما يعاني المواطنون من شحة السكن وانعدام الوظيفة، والحرمان من الامن والاستقرار. فما الذي يبرر احتلال جزر أم النعسان وجدة وام النعسان (اللتين تم تغيير اسميهما، كما غيرت اسماء المناطق البحرانية ذات الدلالات التاريخية المهمة)؟ ما الذي يبرر للحاكم احتلال جزر حوار واحتكارها له؟ ومن الذي سمح له بتمليك 90 بالمائة من سواحل البلاد لذويه وعملائه؟ كيف اصبحت العاصمة  التاريخية خالية من السكان الاصليين (شيعة وسنة) لتصبح مستوطنة اخرى للاجانب؟ وكيف اصبح اهل البلاد الاصليين (شيعة وسنة) مبعدين عن الاراضي الساحلية التي علمت اسلافهم ركوب البحر والعيش من خيراته؟ لقد آن الاوان لوضع النقاط على الحروف، والابتعاد عن اساليب تبجيل الطغاة، والافصاح بالظلامة امام العالم، والاستغاثة بالضمير الانساني ضد سياسات الابادة التي يمارسها الاحتلال الخليفي ضد اهل البحرين. فلستيقظ القلوب والبصائر، لكي لا نهلك جميعا في ظلمة الوهم والجهل والشيطنة.

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية
6
نوفمبر 2009

زر الذهاب إلى الأعلى