بيانات حركة أحرار البحرين

العدوان الاسرائيلي على “اسطول الحرية”: ارادة الاحرار حطمت كبرياء المحتلين

ماذا يعني العدوان الاسرائيلي الاخير على قافلة “أسطول الحرية” التي كانت في طريقها الى غزة؟ وما الموقف المسؤول تجاه القوى التي تحتل بلدان الآخرين وتمعن في التنكيل بهم؟ وما التعامل المطلوب مع من يصافح قوى الاحتلال او يرضى باحتلالها او يتعامل مع رموزها او يحتضن مسؤوليها؟ ما الذي يشجع هذه القوى على العدوان؟ أليس هنك ما يردعها عن ذلك؟ ام ان الاستضعاف بلغ مداه، فلم يعد هناك من يستحق الحياة سوى المحتلين واعوانهم وعملائهم؟ فبعد ان تمادى الصهاينة في مواقفهم وسياساتهم واعتداءاتهم،

 تحرك الضمير العالمي للتصدي لهم، متمثلا بمحاولات فك الحصار، ليس باسترضاء المحتلين او القوى الكبرى المتواطئة معهم، بل بالتصدي لسياساتهم، خصوصا ما يتعلق منها بفرض الحصار على شعب اعزل في قطاع غزة. وفيما استمر نظام الحكم العربي في تواطئه مع الصهاينة، كان ضمير الانسانية يوخز اصحابه، فيدفعهم لاتخاذ اجراءات شجاعة، تتجاوز الكلام وتثبت للاعداء ان الانسانية بخير كل شيء. انطلق “أسطول الحرية” هذه المرة من تركيا، التي بقيت ردحا، خارج معادلة الصراع مع الصهاينة، فكانت المنازلة الكبرى التي استشهد فيها قرابة العشرين من ذوي الضمائر الحية. فأصبحت دماؤهم الدافئة عنوانا للظلامة وشهادة حية على جرائم عصابات الاحتلال وداعميهم في واشنطن ولندن. واثبتت تلك الدماء ان الحق لا يضيع اذا تحرك اهله لاستعادته، وان يد الظلم قصيرة وان طال الزمن، وان مصادرة اراضي الآخرين واحتلال اراضيهم بالقوة وتوطين الاجانب بعد تجنيسهم لا يغير من الحقيقة شيئا، طالما بقي هناك من يصرخ بالظلامة ويدافع عن قومه ووطنه وشرفه وحقه. انها حقائق توكدها وقائع التاريخ بدون انقطاع. فالصمت لا يعيد حقا، ومسايرة المحتلين والظالمين لا يصلح الامور، وما ضاع حق وراءه مطالب.

ثمة حقائق يجدر استحضارها في ضوء ما جرى في الحادي والثلاثين من مايو 2010 في عرض البحر المتوسط، من بينها ما يلي: ان الاحتلال مرفوض من قبل اصحاب الارض، وان تقادم الزمن على ذلك الاحتلال لا يوفر له الشرعية أبدا. ثانيها: ان حيوية الضمير الانساني تحمي المستضعفين وتمنع انتصار الظالمين والمعتدين والمحتلين برغم التضليل والتشويش، ثالثها: ان استرجاع الحقوق لا يتحقق الا بالتضحية، وليس بالاسترجاء والاستعطاف او التمني والآمال. رابعها: ان استقدام المستوطنين من بقاع الارض وتجنيسهم واحلالهم محل الشعب الاصلي في البلد المحتل يزيد نقمة السكان الاصليين، خصوصا اذا توفرت لهم قيادة شجاعة تواجه المحتلين والظالمين، وترفض منحهم الشرعية تحت اي مسمى. خامسها: ان الثبات على الموقف بدون تأرجح او تراجع او تردد يوفر للمظلومين دعما دوليا متواصلا، ولا تستطيع قوة مهما كانت عظمتها، ان تحسم الموقف لصالح العدوان، اذا كان اهل القضية واعين وصامدين، رافضين الاستسلام او الاعتراف بالمحتلين. سادسها: ان القوة المادية لدى المحتلين لا تحسم الموقف، ويؤكد التاريخ ان المستضعفين حققوا انتصارات واسعة ضد المحتلين في اغلب البلدان التي تعرضت للاحتلال في كافة بقاع الارض.

انها ليست المرة الاولى التي يجبر فيها الصهاينة على التراجع والتقهقر برغم قوتهم وعتادهم ودعم امريكا لهم. ففي العام 2006، قام مجاهدو حزب الله بخطف جنديين اسرائيليين كوسيلة لارغم الصهاينة على مبادلتهم بالاسرى اللبنانيين والفلسطينين. يومها وقف الحكام العرب الخانعون ضد تلك الخطوة، واعتبروها مغامرة، ولكنهم رأوا كيف انها حققت هدفها بنجاح، عندما ارغم الاسرائيليون على اطلاق سراح الاسرى، ومن بينهم سمير القنطار. وعندما تم أسر الجندي الاسرائيلي، شاليط، على ايدي مقاتلي “حماسحدثت مبادرات عديدة لمبادلته بالمعتقلين الفلسطينيين. وبعد العدوان الاسرائيلي العام الماضي على غزة، فرض المحتلون حصارا بحريا على المنطقة، في محاولة يائسة لخنق اهلها. وتعاون معهم في هذه الخطة الخبيثة النظام المصري بشكل مخجل، فماذا كانت النتيجة؟ لقد خسر الرئيس المصري موقعه الاخلاقي بتعاونه مع ا لصهاينة وفرضه حصارا على غزة واهلها. واصبح رمزا للكراهية على نطاق واسع عندما أمر ببناء الجدار العازل مع غزة. ثم ارتكب جريمة اخرى باعتقاله مجموعة من المجاهدين الذين أصروا على ايصال المعونات الانسانية لاهالي غزة المحاصرين. وعندما اصدر النظام المصري احكامه الجائرة بحق اعضاء المجموعة التي ادعى انها تنتمي لتنظيم “حزب الله” استنكر الاحرار في كل مكان تلك الخطوة واعتبروها عدوانا آخر على اهالي غزة، لانها تمثل عقابا لكل من يتعاون معهم او يسعى لتخفيف معاناتهم.

وبعد ثلاثة اعوام من الحصار الجائر، جاءت الخطوات الاخيرة بتحدي ذلك الحصار مهما تطلب ذلك من تضحيات. فجاءت “قافلة شريان الحياة” التي تصدت لها القوات المصرية وحاولت منعها من دخول غزة، ولكنها في النهاية استطاعت ايصال المعونات الى الفلسطينيين المستهدفين بذلك الحصار. وشعر منظمو حملات  الاغاثة تلك بحماس لمواصلة دربهم، فجاءت القافلة البحرية الاخيرة التي انطلقت من تركيا لتؤكد للعالم مرة اخرى اصرار احرار العالم على مواصلة درب الاغاثة، ليس وفق قرارات المحافل الدولية الخاضعة للهيمنة الامريكية، بل بمواجهة المحتلين بارادتهم، وليس بالسلاح والعتاد. اما المحتلون فقد لجأوا للسلاح، فكان وبالا عليهم. واصبح دماء الاحرار لعنة على المحتلين واعوانهم، اذ وجد العالم نفسه مضطرا للتكفير عن خطيئته بالوقوف ضد العدوان الاسرائيلي. ومن المؤكد ان السياسة الاسرائيلية الجائرة التي سفكت دماء عناصر الاغاثة قد باءت بالفشل التام، واصبح مستحيلا على الصهاينة الاستمرار في محاصرة اهل غزة. خطوة هؤلاء الاحرار ودماؤهم كشفت المتواطئين مع الصهاينة وأزالت الستار عن وجوه الذين يمارسون التطبيع مع قوات الاحتلال. فاذا كان النظام المصري مصرا على التواطؤ في حصار غزة، فان حكومات اخرى، في مقدمتها حكومة الاحتلال الخليفي في البحرين، قد قطعت مشوارا طويلا على طريق التطبيع مع الصهاينة. بل ان حاكم البحرين نفسه منح الجنسية البحرينية للكثير من اليهود النشطاء في اللوبي الصهيوني في الولايات المتحدة الامريكية. ومرة اخرى يفشل هؤلاء العملاء، ويندحرون امام اصرار المستضعفين وارادتهم، فذلك هو الوعد الالهي الذي يقضي بانتصار حتمي للمظلومين واندحار مخجل للظالمين والمحتلين والباغين. لقد وقف شعبنا مع اخوته الفلسطينيين لانه اقرب الشعوب العربية في معاناته تحت الاحتلال، للشعب الفلسطيني. لقد فال المظلومون كلمتهم، واصبح على الظالمين ا ن يشدوا رحالهم مهزومين، مندحرين، خائبين.

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية
4
يونيو 2010

زر الذهاب إلى الأعلى