بيانات حركة أحرار البحرين

النظام لم يتغير الا الى الاسوأ فلماذا نتخلى عن النضال ضده؟

لم يعرف عن بلد انتقل من حقبة سوداء لعهد منفتح الا بعد ان تعاطى مع اشكالات الوضع الاول، فأنهى الاستبداد، تشريعا وممارسة، وشرعن احترام حقوق الانسان، وأجرى تغييرات جوهرية في انماط تعامله مع مواطنيه، فاستجاب لنسبة كبيرة من المطالب السياسية للمعارضة التي وقفت ضده، وواجه الفساد المالي والاداري الذي ارتبط بالحقبة الاولى السوداء.

فلا يمكن ان يكون العهد الجديد جديدا الا اذا اصبحت الحقبة السوداء تاريخا. ومن هنا نتساءل: هل حدث تغير حقيقي بين الحقبة السوداء التي ادارها الطاغية خليفة بن سلمان، والعهد الحالي الذي يديره الطغاة في قصر الصافرية؟ ولتوضيح معالم الحقبتين، يمكن طرح ما يلي:

اولا: هل انتهى الاستبداد، تشريعا وممارسة؟ ام انه تضاعف وازداد تكرسا؟ الواضح ان الحاكم الحالي اكثر ديكتاتورية واستبدادا ممن سبقه من رموز الاحتلال الخليفي، فقد بدأ عهده باضفاء القاب الجلالة والعظمى على شخصه، وعين شخصا معروفا بسوء سمعته ليؤسس ما أصبح يسمى “نظام الفصل الطائفي” بجدية واصرار. ولم يكتف الطاغية باصدار مراسيم أميرية  او ملكية لتحقيق ذلك، بل انه قام بتقنين الاستبداد بفرض دستور كتبه “الدرزية” وفق المقاسات التي حددها، لتكرس عقلية  الاحتلال وتحاصر مفاهيم المواطنة والحرية والحقوق. وعمد لتقليص اعداد الوزراء من غير العائلة الخليفية ليمثلوا مجلس الوزراء بينما منح افراد اسرته ما يقارب ثلثي اعضائه. بينما كانت المناصب الوزارية موزعة بالتساوي على الاطراف الثلاثة: الشيعة والسنة والخليفيين. ووسع صلاحياته ليكون رأسا لكل من السلطات الثلاث، ولتكون ذاته مصونة، وليكون فوق المحاسبة والنقد. كما منح نفسه، بقرار شخصي،  صلاحية تغيير التركيبة السكانية بالطريقة التي يرتئيها، ومنع مجلس الوزراء من التدخل في مشروع الابادة التي استهدف به اغلبية الشعب البحراني. فهل يعتبرهذا تغييرا نحو الافضل؟

ثانيا: كانت هناك مطالب سياسية محددة، في مقدمتها اعادة العمل بدستور البلاد الشرعي، كمؤشر لالتزام الاحتلال الخليفي بمبدأ الاعتراف المتبالد بالوجود والشراكة السياسية مع شعب البحرين الاصلي (شيعة وسنة)، وكان زعيم الحقبة السوداء ملتزما بذلك الدستور كوثيقة وحيدة توفر الشرعية الشعبية للحكم الخليفي، ولم يلغها قط، وان كان قد جمد العمل بالمواد التي تنظم الممارسة النيابية. اما الحاكم الحالي فقد الغى ذلك الدستور جملة وتفصيلا، وتنصل بذلك من الاعتراف بوجود شعب البحرين او شراكته السياسية. وجاء بدستوره الخاص الذي لم يشارك البحرانيون الاصليون (شيعة وسنة) في كتابته، بل كتب بأيد أجنبية. ولذلك لم يحدث تغير حقيقي في الممارسة  السياسية اطلاقا. فمجلس الشورى الذي فرضه على البلاد وسمح للمواطنين بانتخاب نصف اعضائه، لا يختلف في صلاحياته عن مجلس الشورى الذي فرضه عمه في 1992 لمصادرة العريضة النخبوية، فكلاهما مؤسسة جوفاء تافهة، لا تسمن ولا تغني من جوع في ما يخص المواطنين، ولكنها تقدم شهادة زور لذلك الاحتلال وتقدمه للعالم بانهديمقراطي”، وفي ذلك من التزييف والزور الشيء الكثير.

ثالثا: اما في مجال حقوق الانسان، فما الذي تغير؟ هل توقف التعذيب؟ هل توقفت الاعتقالات التعسفية؟ هل توقف استعمال القنابل المسيلة للدموع والغازات السامة ضد المتظاهرين؟ هل احترمت نساء البحرين واطفالها؟ هل تم التحقيق في الجرائم التي ارتكبت ضد ا لابرياء سواء بالتعذيب ام الاعتداء على الاعراض ام انتهاك الحرمات ام استهداف العقائد ام التصدي للعلماء والفقهاء؟ هل اغلقت ملفات الحقبة السوداء التي تضرر منها آلاف الضحايا واستشهد فيها العشرات من البحرانيين؟ هل تمت محاكمة اي من مرتكبي جرائم التعذيب؟ لماذا قام الطاغية الحالي بتكريم الجلادين مثل ايان هندرسون وعبد العزيز عطية الله وعادل فليفل و خالد الوزان وسواهم؟ لقد صدرت التقارير الدولية تباعا لتوثيق جرائم التعذيب وسوء المعاملة بحق البحرانيين، فهل تم تشكيل لجان محايدة لدراسة تلك التقارير؟ ام اكتفى الاحتلال الخليفي بتصريحات جوفاء لا تتطرق لجوهر المشاكل التي احتوتها تلك التقارير؟ لقد وقعت البحرين في 1998 معاهدة منع التعذيب، فهل التزمت بها؟ هل سمح الطاغية الحالي لقضائه بالنظر في تظلمات الضحايا؟ لماذا اصدر هذا الطاغية قراره الاخير باعادة اعتقال البحرانيين من ابناء كرزكان بعد ان برأتهم محكمة ترأسها أحد جلازوته؟

رابعا: وماذا عن الفساد المالي والاداري؟ هل كان مسؤولو الحقبة السوداء اكثر فسادا؟ ماذا يعني احتلال الاراضي المستصلحة من مياه البحر؟ ولماذا اطلق المواطنون على ولي  العهد الخليفي الحالي لقب “شيخ بحر”؟ أليس ذلك بعد ان وضع يديه على مساحات شاسعة من الاراضي البحرية التي دفنت بأموال الدولة؟ أين صارت المدينة الشمالية؟ لماذا وزعها الطاغية وديوانه على حلفائه وحرم المواطنين خصوصا ابناء الدراز الذين كانوا موعودين بها، من حقوقهم في تلك المنطقة؟ لماذا لم يتوقف هذا الاحتلال البغيض يوما عن جرائمه بحق البيئة البحرية والبرية؟ لماذا لم يعين لجنة واحدة لدراسة آثار الردم على الحياة البحرية خصوصا انه دمر مساحات واسعة من الشعب المرجانية التي تؤوي عشرات الانواع من الاسماك؟ لماذا شجع ظاهرة التصحر، وسمح باقتلاع المزارع وتشييد المباني في الاراضي الصالحة للزراعة؟ لماذا تضاعفت مخاطر الغازات المنبعثة من مصفاة مصنع التكرير وبقية المصانع في المناطق القريبة من سترة والنويدرات والمعامير؟

فان لم يحدث تغير في النظام السياسي نحو الاصلح، فما المبرر للتخلي عن مشروع النضال الوطني التحرري، ومسايرة النظام في سياساته وشعاراته؟ ما الدافع لوقف المسيرة الوطنية نحو الحرية، وهي المسيرة  التي بدأت قبل تسعين عاما شاركت فيها اجيال متعاقبة من الاحرار من المواطنين المخلصين من كافة  الفصائل الوطنية؟ هل يمكن احداث تغيير حقيقي بدون التضحية والفداء؟ لماذا يمنح نظام قائم على الاحتلال والنهب والظلم والتعذيب صكوك حسن السلوك باظهاره “نظاما ديمقراطيا”؟ لماذا يمارس البعض دور أبي موسى الاشعري بتثبيت النظام الخليفي واعتباره من “الثوابت الوطنية” فيما يمارس عملاؤه وابواقه مهمة عمرو بن العاص، بالغاء مواطنة البحرانيين الاصليين “سنة وشيعة”؟ أما آن للغافلين ان ينتبهوا؟ أما حان الوقت لليقظة من السبات والتخلي عن الاتباع الاعمى بما لا يعود بطائل على الحق واهله؟ هل تحققت آمال الشعوب الا بالتضحية والعطاء والثبات والصمود والاصرار؟ ان التاريخ سيطبع قبلة على جبين كل حر يلطم النظام الجائر على وجهه، ويستسخف رموزه المجرمة، وينتقم بموقفه للمستضعفين من الرجال والنساء الذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا. كن حرا بالقطيعة مع هذا النظام الصهيوني المجرم، وحقق لنفسك الشرف باهانته واستصغاه والاستهزاء به واحتقاره، وليفعل جلادوه ما يفعلون، فان مصيرهم الى الجحيم بعون الله تعالى وصمود الاحرار.

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وتقبل قرابيننا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية
2
يوليو 2010

زر الذهاب إلى الأعلى