بيانات حركة أحرار البحرين

أليس غريبا هذا الصمت؟

الساكت عن الحق شيطان أخرس

ما أبشع مشهد القوات الخليفية وهي تحاصر مسجد الصادق بمنطقة القفول يوم الجمعة الماضية، وما أعظم موقف الشيخ محمد حبيب المقداد وهو يتحدى اولئك الطغاة ويفترش الارض ليؤدي صلاته بقلب صادق مطمئن، لم تأخذه في الله لومة لائم. بدا الطاغية في عينيه في تلك اللحظة صعلوكا ضعيفا يخشى من ظله، ويخاف من صوت إمام الجماعة الذي لا يملك سوى البيان وقراءة القرآن والجهر بذكر الله سبحانه.

 تهاوت المملكة الخليفية امام الشيخ الجليل الذي بدا أربط جأشا وأقوى جنانا من القتلة و السفاحين. كانت قلوب العباد والزهاد في كل مكان تخفق مع قلبه وتدعو الله ان يعجل بيوم سقوط الطغيان الخليفي الذي تجاوز الحدود. قلوب امهات المعتقلين كانت هي الأخرى حاضرة حول المسجد الذي كان يبكي لهول المشهد البشع الذي حدث في الماضي ولكنه اصبح اليوم اكثر إيلاما. في السابق، كانت اصوات الاستنكار تزلزل البلاد عندما يحدث منكر كهذا. اما اليوم فالمنكر يمارس جهارا نهارا، وليس هناك ضمير يهتز او قلب يتحرك، او لسان ينطلق، او قلب يصرخ بالظلامة. يقرأ الخطيب قصة يوم العاشر من المحرم، وقد أحاطت قوات يزيد بالحسين عليه السلام، وهو يصلي لربه، غير عابيء شرهم وظلمهم وارهابهم. وعندما يعلق احد اصحابه على الموقف يقول: أنما حاربناهم من اجلها. من كان يعتقد ان ذلك المشهد سوف يتكرر في البحرين؟ من قال ان ارض الطهر والايمان ستعيش يوما هذا الحصار على الممارسات الدينية؟ من كان يعتقد ان آل خليفية سوف يكونون أشد حقدا على البحرانيين ودينهم من اليزيديين والصهاينة؟ من كان يظن ان ارض صعصعة وزيد سوف تتسع للمحتلين والماجنين من راقصين وراقصات، وتضيق بالمصلين والعلماء والعباد؟

في بلد يستباح اهله كل يوم، وتستهدف كرامتهم على ايدي جيش جرار من المرتزقة والجلادين، لم يعد امرا مستغربا ان يهان ابناؤه، وتحاصر قراه، وتستباح حرمات اهله، ولا يقابل ذلك الا بالصمت في احسن الاحوال، وبمداراة الطاغية وارتياد مجالسه في اغلبها. كان العدوان على مسجد الصادق، وجر العالمين الجليلين، الشيخ عبد الجليل المقداد و الشيخ ميرزا المحروس، وصمة عار في جبين هذه الطغمة المجرمة التي لم يعد لديها من وسيلة للتعامل مع اهل البحرين الا بالسلاح الذي تحمله ايد أجنبية. هذا هو وضع المؤمنين في هذا البلد الواقع تحت وطأة الاحتلال الخليفي المقيت. فما الموقف من ذلك؟ هل نقبل بإجرام الاحتلال الخليفي ام نقاومه؟ وماذا عن وضع الطاغية يديه على الاراضي والبحار؟ بلد صغير كبلدنا، هل يستوعب ثلاثة مطارات؟ هل هناك بلد آخر في هذا العالم يمتلك حاكمه مطارا خاصا به وحده؟  بالاضافة للمطار الدولي في المحرق، هناك مطار القاعدة العسكرية الامريكية، ومطار حمد المجاور لحلقة سباق الفورمولا. هذا المطار هو الذي يقام فيه معرض الطيران الذي لا يعرف احد الغاية منه؟ شخص واحد يملك طائرة من طراز الجامبو، ومطارا خاصا به، ويملك جزرا عديدة له وحده دون غيره، ودخل بلد كامل لحسابه الخاص، يتصدق بشيء منه لميزانية الدولة. فأي طغيان اكبر من هذا؟ وأي تجبر في الارض واستعلاء يعلو ذلك؟ هذا الطاغية لم يكتف بهذه الممتلكات، بعد ان اصبح يتناقس مع قارون في ملكه، وبعد ان تجاوز بلعم باعورا في جشعه. فبعد ان وضع يديه على اموال النفط، وعلى السواحل والجزر المستصلحة من مياه البحر، ومساحات شاسعة من السواحل، وبنى مطاره وحلقة سباقه، اتجه للعاصمة البريطانية لينفق اموال الشعب المنهوبة على الفنادق العملاقة. فقد اشترى فندق “جروزفنور هاوسالذي يتألف من 500 غرفة فاخرة وقاعة مؤتمرات هي أكبر قاعة في أي فندق بريطاني، بمبلغ تجاوز المليار دولار (اكثر من 729 مليون جنيه استرليني). وكان قد أنفق اموال الشعب لشراء فندق آخر يعرف بـ “فور سيزونس” بمبلغ عملاق آخر.

السؤال المحير: هل قطعت ألسن البحرانيين؟ ام غابت حميتهم؟ ام سلبت منهم الارواح وهم احياء؟ بالامس شاهد زوار البحرين ما حدث في المحكمة عندما احتج الآباء والامهات على سجن ابنائهم ظلما وعدوانا وجورا. ولم ترتفع الاصوات للاحتجاج ضد ذلك؟ فها هو الاحتلال الخليفي يزحف شيئا فشيئا على ما تبقى من مواقع محررة من ربقته، حتى ركز عملاءه في كافة القرى والمناطق السكنية للقضاء على هويتها بدون رادع او خشية من عقاب. وأقر بناء ثلاثة ابراج عالية بمنطقة الديه لتدمير هويتها التاريخية والثقافية بعنوان البناء والاصلاح، واستمر الصمت سيد الموقف. الواضح ان هذا الطاغية تجاوز اسلافه بمساقات شاسعة، فولغ في دماء الابرياء وقتل الاحرار وعذب المناضلين، واستهان بكرامات البشر، وأصبح جلده ثخينا لدرجة انه لم يعد يتحسس من صدور قرارات دولية ضده، تشجب ممارساته على صعيد حقوق الانسان، وتصنف نظامه ضد الانظمة القمعية التي لا تسمح بالحريات لشعبها. لقد تحول هذا النظام الى كابوس جاثم على صدور شعبنا، فأحال نهاره ليلا، وامتدت يداه في خلسة الليل لتصطاد ذوي النفوس الضعيفة لتجنيدهم ضمن مشروعه، على كافة انتماءاتهم المهنية والطبقية والعلمية. وهكذا تتعمق الازمة يوما بعد آخر، بعد ان اعتقد هذا الحاكم ا لشرس ان بامكانه إخراس الالسن وقتل الضمائر وقمع الحريات واحتلال الارض ونهب الخيرات. فما السبيل للخروج من هذه الازمة التي بدأت تتفاقم عندما رفع البعض الرايات البيضاء استسلاما لارادته وخضوعا لاملاءاته؟

ان الاحرار لم يستسلموا يوما لطغاة زمانهم. ولن يستسلموا هذه المرة امام ظاهرة بلعم باعورا، ولن يزيدهم هذا الظلم الا ثبات وصمودا وعزة واباء. فالحر هو الحر، اينما كان موقعه، ومهما كان ظرفه. الاحرار لا يؤمنون بالصمت على الظلم، بل يلبون دعوة الرسول الكريم “ان من اعظم الجهاد عند الله كلمة حق امام سلطان جائر”. هذا هو خط الاحرار السائرين على طريق رواد الحرية الذي عبده رسول الله وروته دماء الحسين واهل بيته. وأملنا ان يستعيد شعبنا ارادته، فينهض لكسر شوكة المحتلين والسارقين والجلادين، وينفض عنه غبار سنوات التراجع والخوف ورهبة العدو، ويعمق المفاصلة بينه وبين هؤلاء المجرمين، ويتمثل بقول الامام علي عليه السلام: الموت في حياتكم مقهورين، والحياة في موتكم قاهرين.

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا، يا رب العالمين

حركة  احرار البحرين الاسلامية
23
يوليو 2010

زر الذهاب إلى الأعلى