بيانات حركة أحرار البحرين

نرحب بشهر الصوم، ونتذكر رهائننا الذين سينالون حريتهم برغم انف الخليفيين

الصوم عمل عبادي يهدف لتزكية النفس وتنقية الروح، ووضع الانسان على مسار التغيير والاصلاح. ولذلك نستقبل شهر رمضان المبارك برغبة اكيدة في تحقيق الاستفادة الكبرى لانها فرصة لا تعوض، وطريق الى الله لا ينقطع. نقف فيه امام الله، ساعين للتخلص من الذنوب، والتقرب اليه بالعبادة، والتضرع له بالدعاء والانابة. نمتنع عن الاكل و الشرب في ايامه، برغم طولها ومشقة الصوم فيها، امتثالا لامر الله تعالى.

هذه الطاعة عنوان للحرية، فكلما تعمق ايمان المرء وتعمق شعوره بعبوديته لله سبحانه، أصبح اكثر تذوقا للحرية. والصوم تجسيد لعمق المشاعر البشرية بالتحرر من كل ما سوى الله، فهو مدرسة لاعداد الانسان لاعمار الارضهو الذي أنشأكم في الارض واستعمركم فيها”. واعمار الارض يتطلب قدرة على الحركة واتخاذ القرار والشعور بالتخلص من القيود والاغلال. تلك هي رسالة الصوم اذا مارسه المسلم بنية منفتحة على الله، متفكرة في عظمته، مرتبطة بوحدانيته، متحررة من الاغلال التي يفرضها البشر المتفرعنون على الآخرين. فاذا استطاع الصائم تحقيق النصر على الشيطان، وتمكن من السيطرة على رغباته وشهواته خلال هذا الشهر الكريم، اصبح قادرا على شق طريقه حرا بدون اغلال او قيود. شهر الصوم هذا مناسبة لاستعادة المبادرة بهدف الانطلاق بروح جديدة لمواجهة الانحراف والاستبداد والاستيطان في بلد ورث الايمان والخير، وتربى أهله على قيم التضحية والالتزام الديني المؤسس على مواجهة الظلم وعدم الاستسلام للطغيان. انها مناسبة امام الجيل الجديد من الشباب للعودة الى الجذور الايمانية لتنقية الايمان مما علق به من مفاهيم دخيلة على الدين، توحي بالتراخي والاتكال واتباع الآخرين، وتجاهل معنى المسؤولية الشخصية التي يفرضها الانتماء الى خط الايمان الاصيل.

نستعد لاستقبال شهر رمضان هذا العام، وشعبنا المظلوم يعيش اجواء مأساوية لم يعشها من قبل، ولا يشعر بعمقها وآثارها الا القليلون ممن فتح الله قلوبهم فرأوا بعينيه، وأحسوا بالحقيقة المرة في بلدهم. مأساتنا اليوم تختلف عن كافة فصول المأساة السابقة، فهو ممتحن في هويته وثقافته وتاريخه. وبالتالي فهو يعاني أزمة تتصل بوجوده، وهي أزمة متواصلة، مترابطة الحلقات، تزداد تعقدا وتعمقا لسببين: اولهما ان الاحتلال الخليفي مصمم على ابادة شعب البحرين الاصلي (سنة وشيعة)، وقد بدأ في ذلك المشروع بقوة، ووجه ابواقه لانكار وجود شعب اصلي، وترديد الدعاوى الجوفاء بان “كل البحرانيين مجنسون”، وان آل خليفة ليسوا وحدهم الاجانب الدخلاء على الارض. ثانيهما: ان سياسات الاستيطان التي يمارسها الاحتلال الخليفي بدأت تظهر تدريجيا للمواطنين، فأصبحوا اكثر وعيا لحقيقة المشروع الخليفي الاستئصالي، وأكثر قلقا على مستقبل البلاد. واصبحت المشاعر تتضارب في نفوسهم، بين الاحباط والتصميم على التصدي لجريمة الابادة التي يمارسها حمد بن عيسى وطغمته. بعض المواطنين ما يزال مذهولا وغير قادر على تصور ابعاد المشروع الاجرامي الذي ينفذه وزير ديوان الحاكم، خليفة بن أحمد آل خليفة، ولذلك فما يزال يفضل عدم التفكير في الازمة تفاديا للضيق النفسي والاحباط. اما البعض الآخر فيعرف جيدا وجود مشروع الابادة، ويسعى لتلمس وسائل مواجهته. المشكلة التي تواجه هؤلاء انهم يرون حالة اللامبالاة ممن يعنيهم الامر من علماء دين ومثقفين وخطباء وكتاب. وثمة قسم ثالث بدأ يناقش المنطلقات الدينية للصامتين، خصوصا من تربى في احضان الحركة الاسلامية التي تأسست على فكرة التغيير وضرورة مواجهة الظلم والاستبداد والسعي للتمهيد لظهور الامام المهدي بتعبيد الطريق وتهيئة الظروف المناسبة للظهور. هذه المشاعر تختلج في نفوس القليلين ممن صمد على طريق ذات الشوكة، وأصر على عدم الانحناء امام عواصف التخريب والتدمير التي نجمت عن سياسات الاحتلال الخليفي المقيت. ومن هؤلاء من يرزح في غياهب السجون والمعتقلات ظلما وعدوانا وجورا.

في زمن عمت فيه ثقافة الاستهلاك والتسابق في المظاهر الدنيوية، اصبحت ظاهرة الاتكالية واللامبالاة مقلقة بشكل كبير. مشكلة شعبنا في البحرين انه يشعر من جهة انه مستهدف في وجوده بعد ان حرم من حقوقه المشروعة، ومن جهة اخرى يتعرض لحالة تخدير متواصلة تارة من قبل الابواق السلطوية المضللة، واخرى من قبل بعض الاتجاهات الدينية التي تسترخي امام مقولة ان للبيت ربا يحميه، وان مسؤولية التغيير انما هي مهمة الانبياء والاولياء والائمة، وان مواجهة الظلم مسألة خاضعة للنقاش الفقهي المعقد. شهر رمضان المبارك فرصة لاستعادة المبادرة، واسترجاع الفهم الديني الاصيل المؤسس على فهم النص من جهة والايمان بضرورة تطبيق النص لانه تكليف الهي، بعيدا عن محاولات التقعيد والتأصيل لثقافة الخنوع والاستسلام تحت عناوين متعددة ليس من بينها الالتزام بالحكم الشرعي المنصوص عليه وليس البحث عن الاحكام الذرائعية المستثناة التي نصت عليها آيات كثيرة من سورة التوبة. نحن امام شهر يعيد للدين نقاءه وصفاءه، وللنص الشرعي دوره في اصلاح شؤون المسلمين. نصوم وقلوبنا مع الذين يرزحون في زنزانات التعذيب الخليفية، ظلما وعدوانا وجورا. لكننا واثقون ان كيد الطغاة سوف يرتد في نحورهم، وانهم سوف يرغمون على اطلاق سراح المعاميريين والكرزكانيين وبقية الاحرار. نقولها بكل وضوح ان آل خليفة هزموا في معركة “القضاء” خصوصا مع وجود مراقبين اجانب، فأصبح القاصي والداني يلعنهم ويلعن نظامهم المؤسس على الظلم والجور. سوف يطلقون سراح المعاميريين بدون قيد او شرط، ولذلك فهم يبحثون عمن ينقذهم من الورطة ويحفظ ماء وجههم القبيح. وقد تكررت اساليبهم في البحث عن جهات من اهل السياسة او رجال الدين او الوجهاء تقدم “التماسا” اواسترحاما” او “استعطافا” من الطاغية الذي يتلذذ بهذه الطلبات لعلمه ان الاحرار يسعون دائما لكسر شوكته وتمريغ انفه في التراب، ويصرون على الصمود امام طغيانه، ويسعون لتقويض حقبة حكمه السوداء الكالحة، وسوف يفعلون.

نحن امام شهر عبادة وتطبيق للحكم الشرعي بوضوح وجلاء وتصميم. فليكن هذا الشهر مناسبة ليس للعروج الروحي فحسب، بل لتطوير اساليب التعاطي مع النص الشرعي في ما يخص الواجبات الدينية، وتأدية الواجبات المنصوص عليها قرآنا وحديثا، وتحاشي البحث عن الذرائع لتجاوز الاحكام الاساسية. خلال هذا الشهر الكريم نأمل ان تتاح الفرصة للدعاة والعباد والزهاد ان يستعيدوا حقائق الدين الاصيل، وثقافة تطبيق الاحكام الشرعية كما هي خارج الاجتهادات او الذرائع او الوسوسات الشيطانية. وباختصار فان شهر الصوم هو فرصة الصدق مع الله ومع النفس ومع المجتمع. انه شهر تتكامل فيه شخصية المؤمن الصادق، فينطلق في آفاق العبادة على ارضية من الايمان والطاعة واجابة دعوة الرب ونداء الاسلام للجهاد مع النفس ومع الطاغوت ومع الشيطان. انها فرصة لتجديد الايمان وازالة الادران عن القلوب. وفقنا الله جميعا للصوم والصلاة والدعاء خصوصا الذي يؤكد حتمية انتصار الايمان والعدل، واندحار الكفر والظلم.

الحمد لله قاصم الجبارين، مبير الظالمين، مدرك الهاربين، نكال الظالمين، صريخ المستضرخين.

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين.

حركة احرار البحرين الاسلامية
13
اغسطس 2010

زر الذهاب إلى الأعلى