بيانات حركة أحرار البحرين

حقائق يجدر استيعابها على طريق ثورة التغيير الشاملة

نعزي الامة الاسلامية وشعبنا الصابر الممتحن، بذكرى استشهاد الامام علي بن أبي طالب عليه السلام، ذلك العملاق الذي رفع راية الاسلام وحارب القاسطين والناكثين والمارقين، وكان اليد اليمنى الطولى للاسلام والذراع اليمنى لرسول الله صلى الله عليه وآله.

ثمة حقائق يجدر استحضارها عند الحديث حول الشعارات التي يرفعها الشعب يوميا خصوصا “الشعب يريد اسقاط النظام” و “يسقط حمد”. منها اولا: ان البلاد تعيش تحت الاحتلال السعودي الغاشم، وهو من اكبر الجرائم التي ارتكبها آل سعود بحق ارضنا وشعبنا، ومن يتجاوز الحديث عن هذا الاحتلال، او التقليل من اهميته، انما يمارس التضليل والتشويش. وليس هناك شعب قبل بالاحتلال الاجنبي مهما كانت مبرراته، بل ان طلاب الحرية طالما انضووا تحت رايات النضال والجهاد لارغام المحتل على الخروج. ثانيا: ان هذا الاحتلال وقع في عهد الديكتاتور حمد بن عيسى وعصابته الاجرامية التي بلغ الحد ببعض افرادها، ومنهم نجلا الطاغية، لممارسة التعذيب لرموز الشعب وعلمائه، وبالتالي فالديكتاتور شريك في جريمة الاحتلال، ولا يمكن تبرئته من ذلك، برغم محاولات  التمييز بينه وبين عمه الجاثم على رئاسة الوزراء منذ اربعين عاما. ثالثا: ان البلاد تعيش ليلا ونهارا على انغام المصائب والابتلاء والعدوان، وان مئات المواطنين يقضون ايامه ولياليهم وراء القضبان وهم يتعرضون لأبشع أساليب التعذيب الذي حصد عددا من ارواح المواطنين من بينهم زكريا العشيري وعلي صقر وجاسم مكي وعبد الكريم فخراوي. رابعا: ان الديكتاتور وعصابته عادوا الى ممارسات اسلافهم بتسليط البلطجية على اهل البحرين، في وضح النهار، وقد مارسوا من الجرائم ما لا يحصى. خامسا: ان من الخطأ الكبير وصف الديكتاتور او أي من ابنائه بالاصلاح لاسباب عديدة: الاول ان السنوات العشر من حكمه حولت البلاد الى استبداد مقنن (اي مدعوم بمواد دستورية)، ثانيا: انه مارس التجنيس بهدف تغيير التركيبة السكانية بشكل واضح ومتواصل حتى هذه اللحظة، وهي جريمة ضد  الانسانية لانها ليست بعيدة عن مصطلح “الابادة، ثالثا: انه قنن التعذيب، باصدار القانون 56 الذي يحمي المعذبين، واعاد ا لعمل به بوتيرة أشد وأفظع منذ العام 2007 (انظر تقرير منظمة هيومن رايتس ووج الذي صدر العام الماضي بعنوان “عودة التعذيب”). رابعا: انه ونجله (ولي العهد الخليفي) وضعا ايديهما على اراضي البلاد وقاما بدفن مساحات شاسعة هيمنا عليها بجشع غير مسبوق، حتى سمي نجله “شيخ بحر”. خامسا: انه قنن الطائفية علنا، بتعيين الطائفي المقيت خالد بن أحمد مديرا للديوان، ووضع “مانفستو” الطائفية الذي جاء في قصيدته التي نشرها في 1996 موضع التنفيذ كاستراتيجية للحكومة. سادسا: انه توج نفسه “ملكا” على الناس بتصرف فرعوني لم يمارسه اي من الطغاة الآخرين في الزمن الحاضر، بعد ان خدع المواطنين باقرار ميثاقه الذي كان البوابة الى الجحيم.

هذه اسباب سياسية موضوعية للتمسك الشعبي بالشعارين المذكورين اللذين كتبا في ذاكرة الوطن بدماء الشهداء: “الشعب يريد اسقاط النظام، ويسقط حمد”. ولن يستطيع احد محو هذين الشعارين اللذين ميزا الثورة الشعبية الباسلة التي سيكتب لها النصر بعون الله تعالى. يضاف الى ذلك حقائق اخرى تعمق الشعور بضرورة الحراك الشعبي المتواصل حتى تحقيق مطالب التغيير. من هذه الحقائق ما يلي: الاول: انه ليس هنا نظام عربي أصلح نفسه، فالنظام الفاسد لا يعي معنى الاصلاح ولا يستطيع ان يمارس غير الفساد والبطش والنهب. وحتى الذين راهنوا على اصلاح الانظمة من داخلها كما حدث في مصر والمغرب والاردن واليمن، ادركوا اخيرا استحالة ذلك وبدأ شباب تلك البلدان يثور بلا هوادة بعد ان طفح الكيل وبلغ السيل الزبى. الثاني: ان هناك سننا إلهية تقضي بزوال انظمة الجور والظلم وهي سنن لا يستطيع احد وقف نفاذها او تعطيل فعلها. فـ “الملك يبقى مع الكفر ولا يبقى مع الظلم”، وان البطش والتجبر لا يحمي الانظمة التي تبطش بشعوبها “فاهلكنا اشد منهم بطشا ومضى مثل الاولين”، لقد كان قارون يملك من الثروة الشيء الكثير، فاهلكه الله لما بطر وفسد واعتقد ان ما لديه من مال وقوة حق دائم له: “قال إنما أوتيته على علم عندي أولم يعلم أن الله قد أهلك من قبله من القرون من هو أشد منه قوة وأكثر جمعا ولا يسأل عن ذنوبهم المجرمون”. ان استحضار هذه الحقائق الايمانية ضرورة للمؤمنين وهم يواجهون اعداء الله من الطغاة والظالمين، وبدونها يفقد المؤمن قوة الصمود والثبات والاستقامة، بل يفقد جوهر الايمان الذي يقتضي الكفر بربوبية ما سوى الله سبحانه. الثالث: استحالة اصلاح فساد الحكم الخليفي، فهو الفساد عينه، ولا يمكن اصلاحه ابدا، بعد ان تحول الى سياسة ثابتة مدعومة بالمال النفطي والقوى العسكري السعودية والتخطيط الامني الاسرائيلي. فالله سبحانه وتعالى يقول:”والذي خبث لا يخرج الا نكدا”، و “ان الله لا يصلح عمل المفسدين”. ويقول الامام زين العابدين مخاطبا أب مسلم الزهري عندما دعي لمسايرة الطغاة “فلم يبلغ أخص وزرائهم ولا أقوى أعوانهم لهم إلا دون ما بلغت من إصلاح فسادهم واختلاف الخاصة والعامة إليهم فما أيسر ما عمروا لك في جنب ما خربوا عليك وما أقل ما أعطوك في قدر ما أخذوا منك”. رابعا: ان لدى شعب البحرين تجارب عديدة سابقة من الثقة العمياء بالوعود الخليفية، آلت جميعا الى الفشل، وأظهرت عمق العداء الخليفي لأهل البحرين، ومنها وعود مكتوبة وموقعة بيد الديكتاتور نفسه، وعلى لسان وزرائه، ولم ينفذ اي منها. خامسا: ان هناك تجربة من محاولة اصلاح النظام من داخله، شارك فيها بعض قطاعات المعارضة، وثمة اجماع بفشل تلك التجربة لأسباب عديدة من بينها ان النظام الخليفي قد قنن الاستبداد والفساد والهيمنة ولم يترك مجالا للاصلاح اطلاقا. فتجربة الميثاق، والانتخابات والحوار، كانت تجارب فاشلة ولم تحقق ادنى ما يتطلع اليه المواطنون من كرامة وانسانية وسيادة حكم القانون. سادسا: ان تعدد الاطروحات حول المطلوب تحقيقه بين اسقاط النظام او اصلاحه، لا يعني ان ايا منها ممكن بدون تضحيات اضافية كبيرة. فالخليفيون لن يقبلوا يوما بالتحول الى مملكة دستورية يمارس الحكم فيها شعب البحرين من خلال ممثليه المنتخبين وفق دستور يكتبه المواطنون ولا يفرضه عليهم آل خليفة.

إزاء هذه الحقائق، قرر شباب الثورة وفي مقدمتهم شباب 14 فبراير، الاستمرار في مشروعهم التغييري باساليبهم المتحضرة، وتحدوا القمع الخليفي الغاشم، وأصروا على تحرير بلدهم من الاحتلال السعودي، ورأوا في المشاريع الامريكية محاولات يائسة لوأد حركة الشارع والاجهاض على القوى الثورية، كما تفعل واشنطن مع الثورات العربية الاخرى. فالمشروع الامريكي الذي فرض على البلاد لحماية الحكم الخليفي في العام 2000 جاء للقضاء على انتفاضة التسعينات ومنع تحقق مطالبها وحماية الخليفيين المجرمين الذين  ارتكبوا أبشع الجرائم بحق اهل البحرين. ذلك المشروع أدى الى تهميش غالبية المواطنين والى فرض واحدة من أبشع الحقب التاريخية التي مورست فيها حرب الابادة في وضح النهار. وجاء المشروع الامريكي الاخير بعد ايام من انطلاق الثورة، حيث هرع جيفري فيلتمان لتسويق مشروع “اصلاحي” جديد بدعوى ان ولي العهد الخليفي “جاد” في الحوار. والحوار وسيلة اخرى من وسائل اجهاض الثورة، وقد فشل في تونس ومصر واليمن وسوف يفشل بعون الله في البحرين. ومن فضل الله على المؤمنين الصامدين ان فتح بصائرهم وكشف لهم حقيقة هذا العنصر الذي يروج له الامريكيون ويسعون لتسويقه كرجل اصلاح، ولكن من فضل الله ايضا ان ذاكرة المواطنين ما تزال تختزن تصريحاته التي صدرت عنه بعد بضعة ايام من انطلاق الثورة عندما روج للطائفية وبرر العدوان الخليفي على دوار اللؤلؤة بانه بهدف “مواجهة التهديد الطائفي”. لقد روج الخليفيون، وفي مقدمتهم الديكتاتور ونجله المشروع الطائفي بأقذر الوسائل، وأحدثوا في البلاد حالة استقطاب غير مسبوقة واعتقلوا من تمرد على ذلك المشروع من المواطنين السنة لان ذلك التمرد من شأنه ان يفشل المشروع الخليفي الخبيث. ان نظاما كهذا يستحيل اصلاحه. فهو نظام فاسد مفسد، يمارس الاجرام والبلطجة والسلب والنهب وانتهاك الحرمات وهتك الاعراض ويهدم المساجد ويمارس الابادة وينهب الاراضي والثروات، ويسخر الاجانب على رؤوس المواطنين. ان أبطال الثورة يعتقدون ان استمرار هذا النظام سيكون وبالا على الانسانية والاخلاق والوحدة  الوطنية والحرية والحقوق، وسوف يحول البلاد الى مستنقع من الاحتراب البيني بين مكوناته على اسس الطائفية من خلال التجنيس والتمييز والترويع والبلطجة. صحيح ان مشروع اسقاطه صعب وقد يطول ولكن لا يمكن حل مشاكل البلاد ما دام الديكتاتور وعصابته حكاما على اشراف البلاد. ولذلك فالنضال من اجل اسقاط هذا النظام هو الخيار الأقل تكلفة على  المدى البعيد، بعد ان اصبح النظام الخليفي سرطانا ينهش في جسد الشعب ويهدد بزواله. هذا هو طريق الحرية والكرامة والخلاص، وسوف ينصر الله المؤمنين على اعدائهم انشاء الله: “والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا وان الله لمع المحسنين“.

اللهم ارحم شهداءنا الابرار،  واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية
19
اغسطس 2011

زر الذهاب إلى الأعلى