بيانات حركة أحرار البحرين

الجامعة العربية بين الانتصار للمباديء ودعم الشعوب، او الانتحار والتلاشي والسقوط

ليس مستغربا ان ينفجر غضب الشعب البحراني ازاء مواقف الجامعة العربية، خصوصا بعد ان اثبتت عجزها عن تحمل مسؤوليتها تجاه قضيته وما يتعرض له من اضطهاد واحتلال واستبداد سلطوي وتهديد مستمر بالابادة. فمن جهة كثيرا ما اتهمت هذه المؤسسة بعدم فاعليتها وعجزها عن الاضطلاع بمسؤولياتها التي في مقدمتها تحقيق وحدة الامة العربية بتوحيد شعوبها والدفاع عن قضاياها. غير ان واقعها يكشف بوضوح انحرافات واضحة وخطيرة عما تتوقعه الشعوب العربية. وفي هذا المجال يجدر طرح النقاط التالية حول هذه القضية الحساسة:

اولا: ان الجامعة أنشئت، وفق الوقائع التاريخية، بتشيجع بريطاني مباشر. ففي 29 مايو 1941 ألقى أنتونى إيدن وزير خارجية بريطانيا خطاباً ذكر فيه : “يرجو كثير من مفكري العرب للشعوب العربية درجة من درجات الوحدة أكبر مما تتمتع به الآن. وإن العرب يتطلعون لنيل تأييدنا في مساعيهم نحو هذا الهدف ولا ينبغي أن نغفل الرد على هذا الطلب من جانب أصدقائنا … وحكومة جلالته سوف تبذل تأييدها التام لأيّ خطة تلقى موافقة عامة”. وفي 24 فبراير 1943 صرح إيدن في مجلس العموم البريطاني بأن الحكومة البريطانية تنظر بعين “العطف” إلى كل حركة بين العرب ترمي إلى تحقيق وحدتهم الاقتصادية والثقافية والسياسية. بعد عام تقريباً من خطاب إيدن، دعا رئيس الوزراء المصري مصطفى النحاس كلا من رئيس الوزراء السوري جميل مردم بك ورئيس الكتلة الوطنية اللبنانية بشارة الخوري للتباحث معهما في القاهرة حول فكرة “إقامة جامعة عربية لتوثيق التعاون بين البلدان العربية المنضمة لها”. وكانت هذه أول مرة تثار فيها فكرة الجامعة العربية بمثل هذا الوضوح، ثم عاد بعد نحو شهر من تصريح إيدن أمام مجلس العموم، ليؤكد استعداد الحكومة المصرية لاستطلاع آراء الحكومات العربية في موضوع الوحدة وعقد مؤتمر لمناقشته وهي الفكرة التي أثنى عليها حاكم الأردن في حينه الأمير عبد الله. وإثر ذلك بدأت سلسلة من المشاورات الثنائية بين مصر من جانب وممثلي كل من العراق وسوريا ولبنان والمملكة العربية السعودية والأردن واليمن من جانب آخر.

ثانيا: ان الجامعة العربية فشلت في تعبئة عربية شاملة لمواجهة الاحتلال الاسرائيلي لفلسطين، ووقفت عاجزة امام السياسات الاسرائيلية، وفشلت في اتخاذ مواقف مسؤولة ابتداء من قرار تقسيم فلسطين مرورا بالنكبة والحروب التالية. كانت مواقف الجامعة تعبر عن سياسات الحكومات وليس الشعوب. ومنذ رحيل عبد الناصر تراجعت مواقفها وتوجهت نحو التطبيع مع كيان الاحتلال. ومنذ العام 2002 تبنت المبادرة السعودية للتطبيع الكامل مع “اسرائيل” في مقابل قيام دولة فلسطينية.

ثالثا: الجامعة العربية فشلت في اتخاذ مواقف داعمة لقوات المقاومة اللبنانية والفلسطينية للعدوان الاسرائيلي، سواء في 2006 ام 2009، وذلك بسبب خضوعها لاملاءات الدول النفطية التي استعملت اموال النفط لتكريس سيطرتها على الجامعة.

رابعا: ان الجامعة العربية فشلت في التعاطي الايجابي مع ربيع الثورات العربية، ووقفت مع الديكتاتوريين حتى اللحظات الاخيرة من حكمهم. وبدلا من دعم نضال الشعوب، استعانت بالدول الكبرى للتدخل العسكري لمنع انتصار الثورات الشعبية واستبدالها بتغييرات سياسية تخضع للارادة الاجنبية. فهي التي طلبت من الناتو التدخل في ليبيا، بدلا من ان تقوم بدور فاعل لدعم الشعوب الثائرة وتعبئة الراي العام العربي لذلك.

خامسا: ان هناك خشية كبيرة بان يكون موقفها ازاء الوضع في سوريا مقدمة لاستدعاء قوات الناتو للتدخل، على غرار ما حدث في ليبيا. وتعلم الجامعة العربية ان الشعوب العربية ترفض التدخل الغربي خصوصا بعد فشل امريكا واوروبا في التصدي للاحتلال الاسرائيلي، وان سعيها للتغيير من خلال الثورة انما يهدف، ضمن عدد من الاهداف، لتحرير ارادة الامة واعدادها للقيام بدورها في تحرير اراضيها واستعادة حريتها واستقلال قرارها.

سادسا:  لوحظ ان الجامعة العربية اداة بايدي الديكتاتوريين انفسهم، واصبحت تنهج نهجهم في انتقائية المواقف والمعايير المزدوجة، فهي “تدعم” الثورة في سوريا مثلا لان السعودية تريد ذلك، وتقف مع الاستبداد الخليفي في البحرين. انها تعلن موقفا معينا ازاء الوضع السوري، ولكنها تتجاهل تماما ما يحدث في اليمن، من قتل يومي على ايدي قوات علي عبد الله صالح. وهي مع التدخل الغربي في ليبيا لـ “دعم الثوار” ولكنها مع الاحتلال السعودي لقمع الثورة في البحرين. ان موقف الجامعة العربية ازاء الثورة في البحرين صفحة سوداء في تاريخ العمل العربي المشترك، وعنوان جديد لظلامة شعوب دول مجلس التعاون التي يجب ان تعي خطر التوسع السعودي على مستقبل الشعوب وحريتها.

سابعا: ان الجامعة العربية رفضت عقد اجتماعها الدوري في شهر مارس الماضي الذي كان مزمعا عقده في بغداد بعد تسرب معلومات ان العراق سوف يطرح قضية  البحرين على الجامعة. وتم تأجيل المؤتمر شهرين ثم الغي تماما.

ثامنا: قبل شهرين اصدرت الجامعة العربية بيانا دعمت فيه الاجراءات الارهابية التي مارستها العائلة الخليفية والسعودية ضد شعب البحرين، واعتبرت ذلك ضرورة للحفاظ على الامن، وشجبت التغطيات الاعلامية في بعض وسائل الاعلام الايرانية، ولكنها لم تشجب الاعلام العربي الذي تجاهل ثورة شعب البحرين.

تاسعا: ان الجامعة العربية رفضت في الايام الماضية  استلام رسالة من المعارضة البحرانية تقدم بها وفد من المعارضين البحرانيين في مصر، وبرغم محاولاتهم العديدة الا انهم قوبلوا بجدار صلب من الرفض. فأين الحياد؟ وأين الانسانية؟ وأين المسؤولية؟ وأين الاخلاق؟

سابعا: ان شعب البحرين سوف يواصل ثورته المباركة حتى يحقق النصر بعون الله، والجامعة العربية امام امتحان اخلاقي حاسم: فاما دعم الشعب المظلوم سياسيا وماديا، والانتصار للمظلومين والشهداء وضحايا التعذيب، او الاستمرار في دعم الطغاة والديكتاتوريين والظالمين، وفي ذلك خزي وعار وسقوط. هذا الشعب المظلوم سوف ينتصر بعون الله تعالى على اعداء الحرية والانسانية والحق، وعلى الجامعة العربية ان تنتصر لمبادئها وقيمها او تبقى اداة بايدي قوى الثورة المضادة وفي مقدمتها السعودية، لاجهاض ثورات الشعوب بعناوين شتى ووفقا لسياسات تتسم بالازدوجية والبعد عن الحياد والانسانية.

حركة احرار البحرين الاسلامية
13
نوفمبر 2011

زر الذهاب إلى الأعلى