بيانات حركة أحرار البحرين

صبرا آل أوال، فان موئلكم النصر

أيا كانت النتائج الآنية للثورة، فان حقيقة واحدة تجسدت من خلال ما حدث على مدى العام الاخير، وان كانت ملامحه قد بدأت في التبلور قبل ذلك. مستقبل البحرين سيكون خاليا من الحكم الخليفي، هذه حقيقة فرضتها تطورات الشهور الاخيرة، بعد ان تأكد لكل بحراني ان العائلة الخليفية تعاملت مع ابناء البحرين كعدو لئيم لا يحترم بالتزاماته الدولية التي تحكم حالة العداء والاختلاف بين الفرقاء.

 فحين تستعمل الغازات الكيماوية ضد المواطنين بدون رحمة وتصدر اوامرها لرمتزقتها باستهداف الابرياء، رجالا ونساء بالقاء تلك الغازات في منازلهم، فان ذلك يعني انها قضت على آخر خيوط التواصل مع اهل البحرين. وقد حدثت في الماضي حالات من الخلاف السياسي والاحتجاجات والتظاهرات، وقتل بعض المواطنين فيها، وآخرها على نطاق واسع كان في انتفاضة التسعينات المباركة. ولكن ما حدث ويحدث الآن أقنع الجميع باستحالة التعايش مع هذه العائلة، فاما ان تبقى هي في البحرين او يبقى الشعب بدونها. هذه الحقيقة تفرض نفسية من نوع آخر على المواطنين، وتقتضي ان يغير المعنيون بالامر ممارساتهم وتصوراتهم بشكل جوهري. فقد انتهى زمن التعاطي مع الوضع بخلفية الوجود الخليفي، واصبح امرا واقعيا ان يتصرف الجميع بعقلية المفاصلة القائمة على افتراض عدم وجود هذا الحكم بعد اليوم. صحيح انهم ما يزالون مسيطرين على مرافق الدولة، ويحظون بدعم امريكي – بريطاني – سعودي، ولكن هذا الدعم اصبح مثار جدل الآن وسوف يتحول الى امر محرج في المستقبل غير البعيد. فلن يستطيع حاكم غربي الاستمرار في تقديم الدعم لنظام فشل في تطبيق اي من التوصيات التي جاءت في تقرير اعدته لجنة عين افرادها ومولها ماليا ورعاها اعلاميا واقنع حلفاءها بانه سيلتزم بتوصياتها. هذا النظام فشل في احترام القوانين  والمواثيق الدولية التي وقعها، وفي مقدمتها اتفاقية مناهضة التعذيب. فلم يكتف بالاستمرار في انماط التعذيب التي كان يمارسها عندما وقع تلك الاتفاقية، بل اضاف اليها كثيرا، وامر جلاديه بتعذيب الاحرار في الشوارع.

وثمة حقيقة اخرى تفرض نفسها ليس على واقع البحرين فحسب، بل على الواقع الدولي لتتحول تدريجيا الى عامل صعب عند صياغة سياسة اية دولة ازاء البحرين. فهذا الاجماع الوطني لم يحصل من قبل، برغم ترويج الطائفية ودعمها بالسياسة والمال والاعلام. ان اي مواطن سني شريف لا يمكن ان يقبل بالبقاء مرتهنا لنظام حكم عائلي يرفلض الاندماج مع المجتمع. فاذا تزوج احد من افراده (رجلا او امرأة) من مواطن عادي (سنيا كان ام شيعيا) فانه يفقد لقب “الشيخ” او “الشيخة” ويتوقف عنه المخصصات المالية المثبتة لافراد العائلة الخليفية. وما يزال الخليفيون يعيشون في بروجهم العاجية بعيدا عن المواطنين، ولا يختلطون بالمواطنين شيعة كانوا ام سنة. هؤلاء الخليفيون لا يعترفون بالوطن او المواطنين، بل يعتبرون البحرين ملكا خاصا لهم، وينظرون الى المواطنين انهم منافسون لهم في الملك والسلطة ويجب القضاء عليهم سياسيا على الاقل. ولذلك يهيمن الخليفيون على اكثر من نصف المناصب الوزارية، بينما لا يخصص للسنة سوى ستة، وللشيعة اربعة. وبهذا تسقط مقولة الطائفية التي تروج لها العائلة الخليفية، ويتحول المشهد الى حالة من الدراما غير المحبوكة بقدر عال من المهنية. وقد استعدى الخليفيون ابناء البحرين بعقليتهم ومنطقهم، وراحوا يستهدفونهم في ارزاقهم وحياتهم وحريتهم. وبعثوا للمواطنين السنة رسائل عديدة بان معاملتهم لن تختلف عن معاملة الشيعة كثيرا. فكما يعتقل الاستاذ حسن مشيمع، يعتقل الاستاذ ابراهيم شريف، وكما يعذب الحر الصميخ، يتعرض محمد بوفلاسة للتعذيب والتنكيل والسجن. وكما تطرد الدكتورة  ندى ضيف من وظيفتها، فان الطرد ايضا نصيب الدكتورة نهاد الشيراوي. هذه المحنة توحد مشاعر المواطنين ومواقفهم، وتكشف زيف الدعاوى الخليفية الماكرة.

ونحن على اعتاب الذكرى الاولى للثورة المباركة، يجدر بنا جميعا، كمواطنين مظلومين على ايدي النظام الخليفي الظالم، التصدي للاستبداد الخليفي المدعوم بالاحتلال السعودي. هدفنا الاول كمواطنين، ومن  مصلحتنا ايضا، اقامة نظام حكم مؤسس على ان لكل مواطن صوتا، فيصبح كل منا مساويا للآخر في الوزن السياسي، فنحن جميعا سواسية امام الله وفي الانسانية، فلنبتعد عن التمييز في صفوفنا على اي اساس، ديني او مذهبي او عرقي. هذه بعض مباديء حركة الثورة التغييرية في البحرين التي دشنها العام الماضي مجاهدون قدموا ارواحهم فداء للوطن  وحفاظا على وحدة شعبه. فعندما يرفع الثوار في دوار اللؤلؤة والشوارع العامة شعار: “اخوان، سنة وشيعة، هذا الوطن ما نبيعه” فانهم يعبرون عما يدور في اعماق كل من ابناء هذا الوطن، بدون عصبية او جاهلية. لقد عشنا حياتنا اخوة أحبة حتى قرر النظام الخليفي غرس بذور الفرقة اعتقادا منه ان الفرقة تضعف صفنا وبالتالي موقفنا السياسي من نظام لم يعترف يوما بحق المواطنين في الشراكة السياسية او الاقتصادية. من هنا حدثت الانتفاضات والثورات المتعاقبة منذ الخمسينات، فوقف الشيعي والسني معا ضد الاستبداد الخليفي. اشتركا معا في طوامير التعذيب الخليفي، ووقفا كتفا بكتف في التظاهرات والاحتجاجات. وعاشا معا في المنافي، وذاقا ضنك العيش غرباء عن وطنهم: في الهند بالمحيط الهندي، وجزيرة سانت هيلانة بالمحيط الاطلسي، وفي سوريا واوروبا. تاريخ طويل من النضال المشترك على ارضية وطنية لم تتزلزل يوما، حتى جاء الديكتاتور الحالي الذي اعتقد انه اكتشف واحدة من نقاط قوة البحرانيين، وهي الوحدة. من هنا قرر طرح مشروعه الطائفي، ليس حبا في المواطنين السنة، بل سعيا لاطالة عمر نظام ينتمي للماضي ولا يمكن اصلاحه لان اساسه فاسد.

استقبل شعبنا العام الجديد بآمال عريضة، مودعا عامه الماضي بشهيد لم يبلغ السادسة عشرة من العمر، هو السيد هاشم السيد سعيد الذي قتله الخليفيون الحاقدون بطلقتين قاتلتين، ومستقبلا عامه الحالي بشهيدة اخرى، هي الحاجة فخرية جاسم السكران. قوافل الشهداء لم تتوقف منذ ان دنست العائلة الخليفية تراب وطننا، وتصاعد القتل بعد استدعائها الاحتلال السعودي الغاشم. ولذلك لم يعد هناك مجال للتعايش مع حكم هذه العائلة بعد اليوم، وسوف يبذل المواطنون جهودهم بدون كلل حتى يسقطوا هذه الديكتاتورية المجرمة ويستبدلوها بنظام حكم وطني يشارك فيه الجميع على قدم المساواة وبدون استثناء. اننا على اعتاب مرحلة حاسمة، بعد ان شمر شباب 14 فبراير عن سواعد الجد، وحسموا قرارهم على ذلك الطريق. بارك الله سواعد الشباب المجاهد الذي نزع لباس الخوف، وطلق العيش الذليل وتقلد الشجاعة، وتسربل بالتقوى. وطوبى لامهات الشهداء اللاتي صبرن واحتسبن وشددن أزر الشباب بشهامتهن وتصريحاتهن، وتصديهن لعناصر العدو الخليفي وبلطجيته بشجاعة وثبات وصمود. لقد حان وقت الجد والاجتهاد، وولى عهد التخاذل والخنوع، فطوبى لمن يصمد امام الزحف، ويصبر حتى يحكم الله بينه وبين القوم الظالمين، ويظهر الحق واهله ويمحق الباطل وزمرته.

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية
6
يناير 2012

زر الذهاب إلى الأعلى