بيانات حركة أحرار البحرين

النصر قادم، فلا تستعجلوه، وسيكرر العدو جرائمه ان أبقيتموه

مع اقتراب الذكرى السنوية الاولى لثورة شعبنا العظيم، اصبح ضروريا وضع النقاط على الحروف لاستيعاب طبيعة الثورة وظروفها واهدافها، لكي لا تختلط الامور او يتم تحويلها الى احتجاجات هامشية لتحقيق مطالب معيشية محدودة. فمع ان عمر الثورة الآن لا يتجاوز الاحد عشر شهرا، الا ان ما حدث في 14 فبراير العام الماضي كان الخطوة المتقدمة الكبرى على طريق نضالي تواصل تسعة عقود بدون انقطاع. جاء قرار شباب البحرين باطلاق ثورتهم في ظروف تميزت بأقسى اشكال القمع وارهاب السلطة، اذ كان رموز الشعب يومها يقاسون ابشع اشكال التعذيب في طوامير مبنى الامن الوطني، بإشراف خليفة بن عبد الله آل خليفة.

 فما ان انفجرت ثورات الربيع العربي حتى كانت البحرين مهيأة لثورة تفوق ما حدث في البلدان الاخرى. فقد بلغ الديكتاتور الخليفي ذروة الغرور والاستبداد والظلم، وأصبح طاغية عصره بدون منازع. فبالاضافة لاعتقال رموز الشعب وعلمائه ومفكريه، والتنكيل بالاحرار بتلفيق التهم وصياغة المسرحيات وآخرها اكذوبة “الحجيرة” والتنظيم الارهابي” كان الديكتاتور قد قطع خطوات كبيرة على طريق إبادة شعب البحرين الاصلي (شيعة وسنة) عبر مشروع التجنيس السياسي، وأمعن في ظاهرة “الخلفنةبالاستحواذ على اكثر من نصف المقاعد الوزارية واغلب الادارات والسفارات. كان الديكتاتور كذلك قد دشن مشروع الطائفية البغيض على يدي وزير مكتبه السيء الصيت، خالد بن احمد آل خليفة، ووضع الخطط لتقسيم البلاد طائفيا على المدى المتوسط. كان الديكتاتور يومها قد قنن الاستبداد بدستوره الذي فرضه على البلاد، وأمعن في وضع اليد على اراضي البلاد بعد استصلاح مساحات بحرية واسعة. وهيمن هو وجلاوزته على اكثر من 90 بالمائة من السواحل. وباختصار لم يكن هناك بلد عربي آخر مرشحا للثورة كالبحرين.

ولذلك لم يكن الديكتاتور او زمرته او داعموه في واشنطن ولندن والرياض، يعتقدون ان الدعوة لتفجير الثورة في 14 فبراير سوف تنجح لانهم كانوا يعيشون في عوالمهم الخيالية المنفصلة عن واقع الشعب المظلوم. وفيما عدا الشباب الذي اطلق  الدعوة والعناصر الرافضة للمشروع السياسي الامريكي الذي كان الديكتاتور قد فرضه عندما ورث الحكم من ابيه المقبور تحت مسمى “المشروع الاصلاحي” كان القليلون يعتقدون ان هناك افقا معقولا لانطلاق ثورة شعبية في بلد خليجي تهمين عليه اساطيل امريكا وقوات السعودية. ولذلك فوجئوا جميعا بعمق غضب الشعب ضد حكم العائلة الخليفية، وصموده المتصاعد كلما سقط المزيد من شهدائه وتضاعفت معاناة ابنائه. وبعد احد عشر شهرا يمكن القول ان هؤلاء المترفين الذين يعيشون على اموال المحرومين وأنات المعذبين، ادركوا فشل كافة وسائل القضاء على ثورة شعب البحرين. فالدعم السياسي والعسكري والامني الامريكي والبريطاني لم يوفر شرعية للحكم او امنا يكفيان لكسر عنفوان الثورة. وفشل الاحتلال السعودي السافر في كسر ارادة شعب البحرين الذي قرر موعد انطلاق ثورته وامتلك زمام المبادرة حتى هذه اللحظة، وجعل الخليفيين والسعوديين يرغمون على اتخاذ خطوات غير محببة لنفوسهم ولا تتناغم مع رغباتهم، ومنها اطلاق بعض المعتقلين، واعادة بعض المفصولين، والغاء محاكمة الرياضيين. بل ان انوف المجرمين الخليفيين والسعوديين ارغمت بشكل مهين واهينوا بشكل مذل عندما توجه البحرانيون برؤوس مرفوعة للصلاة في المساجد المهدومة، وبدأوا يعيدون بناءها. انه اعتراف من قبل هؤلاء الطغاة الذين اخزاهم الله واذلهم بان هدم بيوت الله كان جريمة لا تغتفر. فماذا نفعهم الدعم الامريكي والبريطاني امام كبرياء اهل البحرين وعزتهم وابائهم؟ اطفال صغار في الشوارع يرفعون الشعارات كل يوم وليلة ضد اكبر رمز من هؤلاء الطغاة، فلا يستطيعون ردهم الا بالعقاب الجماعي الذي يزيد من عزلتهم والحقد عليهم والاصرار على اسقاطهم (وان يسلبهم الذباب شيئا لا يستنقذوه منه).

ان ما حققه شعب البحرين من خلال ثورته امر عظيم لم يكن متوقعا. فمن كان حاضرا في دوار اللؤلؤة ليلة العدوان الخليفي والسعودي الآثم لم يتوقع ان تدور الايام وينقلب الامر على من اعطى الاوامر بقتل المواطنين المرابطين في تلك البقعة التي لم تكن لتنال شيئا من الاهمية لولا انها شهدت حضور البحرانيين ثائرين ضد الطغاة والمجرمين. واليوم تنتظر هذه البقعة، هي الاخرى، موعد التحرير من المحتلين الذين اخزاهم الله بسواعد اطفال اعتقلهم الطغاة لا يتجاوز بعضهم العاشرة من العمر. فتعسا لأشباه الرجال الذين قبعوا في القصور وسلطوا وحوشهم لهدم المساجد ونهش اجساد الآدميين. لقد أعز الله عباده الصالحين ونصر علماءه المعتقلين، ورجاله المتقين، فاصبحوا سادة الموقف، يقررون مصير الذين انساهم الله ذكر الله، فأسقطهم وأذلهم وسوف يسقط عروشهم الواهية عما قريب بعونه وقدرته (الحمد لله قاصم الجبارين، مبير الظالمين، مدرك الهاربين).

انتصار بعد آخر، هذه هي الحقيقة، لقد اصبح رموز الشعب المسجونون اصحاب القرار الحقيقي ومعهم ثوار 14 فبراير، وعائلات الشهداء، وكل مواطن طالب باسقاط النظام الخليفي ورفع صوته هادرا ضد الاحتلال السعودي، وكل شريف لم يستسلم لارادة الطغاة والمحتلين، فهم الذين يقررون مصير الديكتاتور وزمرته. هم وحدهم الذين سيقررون ما سيفعلون بنجليه اللذين ارتكبا جرائم ضد الانسانية. شعب البحرين بجميع اطيافه سيقرر مصيره وطيف يتعامل مع مرتكبي جرائم الحرب والجرائم ضد الانسانية. والمطلوب هنا عدم استعجال النتائج، لان ذلك يوفر للمجرمين مخرجا من ازماتهم، ويقدم خدمة مجانية لهؤلاء الذين طالما خانوا الشعب ونكثوا بوعودهم (ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه). ايها المواطنون الاحرار، لا تستعجلوا النتائج، بل اصبروا كما صبرت امهات الشهداء، وكما تحمل الاذى و التعذيب اولئك الذين تكسرت اضلاعهم تحت سياط التعذيب. لا تهرولوا على طريق الحل الامريكي الذي جربه الشعب قبل عشرة اعوام فلم يجن منه الا المحن والآلام والمصائب، وبسبب تلك المشاريع التي فرضها الامريكيون تضاعف العذاب هذه المرة، وذاق الاحرار من المرارة والألم والتعذيب والاهانة اضعافا. فلا تكرروا التجربة، فالمؤمن قد يلدغ عشر مرات، ولكن ليس اكثر من ذلك. ان الانتصار قد تحقق بصمود الشعب، فلا تستعجلوا النتائج لانها لن تفوت، كما قال الامام علي عليه السلامانما يعجل من يخاف الفوت”. ان مستقبل ايام الشعب ستكون، اذا صبرتم وانتظرتم ولم تستعجلوا، بعون الله أفضل من ماضيها، وان العجلة من الشيطان، فاياكم والاستعجال، فالنصر محفوظ للشعب في الغيب، وان الله لا يخلف وعده رسله، فلنتق الله في حقوق الناس وفي دماء الشهداء، فانها امانة في الاعناق، فلنحفظها معا بالتعاون والتناصح والتواصي بالحق والتواصي بالصبر.

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية
13
يناير 2012

زر الذهاب إلى الأعلى