بيانات حركة أحرار البحرين

النصر آت ان صبرنا، ومؤجل ان استعجلنا، فلا تصافحوا الطغاة يوما

يقول الله سبحانه وتعالى “ولا يحسبن الذين كفروا ان ما نملي لهم خير لانفسهم، انما نملي لهم ليزدادوا اثما ولهم عذاب عظيم” لوصف الطغاة الذين ما ان يشعروا بشيء من القوة (ولو بدعم من غيرهم) حتى يفجروا ويبالغوا في الظلم وايذاء الآخرين. عقلية هؤلاء لا تستوعب سوى البطش والعدوان، فهم لا يستطيعون الاصلاح واقامة العدل، وبالتالي فهم يساهمون في تهيئة الظروف والشروط لسقوطهم المحتوم الذي سيأتي بعد حين. فقد تحدث ثورة ضدهم ولا تنجح، ولكنها تؤسس لثورة اخرى قادمة، والثورات اللاحقة تكون عادة اكبر حجما وشمولا من سابقاتها حتى يحين موعد الأخذ الالهي لينهي عهد الظالمين “وكذلك أخذ ربك اذا أخذ القرى وهي ظالمة، ان أخذه أليم شديد”. وقد تميزت انظمة الجور عادة بقصر النظر والاعتماد المطلق على استعمال القوة، بدلا من العقل والحكمة. ويصعب على هؤلاء التفكير في اقامة العدل فضلا عن ممارسته. ولذلك فهم يعمقون اسباب سقوطهم ويهيئون ظروف نفاذ القانون الالهي عليهم.

وما يجري في البحرين لا يخرج في اطره عن هذه السياقات التي توحي بحتمية سقوط الحكم الخليفي ومعه الاحتلال السعودي. فقد فشلوا حتى الآن في اجراء اصلاح حقيقي واحد واكتفوا بالتصريحات الجوفاء. فلم يتوقف التعذيب لحظة، ولم يحاسب مرتكبوه قط، ولم يبعد مسؤول خليفي واحد عن منصبه كعقوبة الا ليمنح ترقية لمنصب آخر. يعتقد الخليفيون ان الغلبة المباشرة باستعمال القوة المفرطة كالغازات الكيماوية والتعذيب والتجويع وتغطية ذلك كله بابواق اعلامية تزيف الحقائق وتظهر الامور على عكس واقعها، سوف يحمي نظامهم ويضعف معارضيهم. فها هم يمنعون ابسط الحقوق ومنها حرية التعبير، ويعتبرون الدعوة الى  التجمهر والاحتجاج جريمة ويستهدفون من يمارسها او يدعو لها (كما فعلوا هذا الاسبوع باستدعاء السيد نبيل رجب لمعاقبته وسجنه وتعذيبه لانه دعا الى التظاهر السلمي). كما يعتبرون ان الحكم تفويض الهي لهم، لا يحق لاحد مناقشتهم حوله، او تحدي ارادتهم في ما يفعلون على صعيد الحكم والمال العام. ومن وجهة نظر المعارضة فهذا كله بركة من الله لعباده المظلومين لانه يعمق الشعور بالظلامة لدى الشعب، وضرورة الاصرار على التغيير. لو فعل الخليفيون غير ذلك لجعلوا مهمة التغيير اصعب. فلو انهم اجروا تعديلات وزارية وابعدوا المجرم خليفة بن سلمان عن منصبه، ولو انهم قلصوا عدد الخليفيين في المناصب الوزارية والمواقع الادارية، ولو انهم وافقوا على كتابة دستور تحت اشرافهم بشراكة شعبية، لاستطاعوا السيطرة على الامور ولأضعفوا المعارضة ضدهم وشقوا صفوفها، ولأصبح موضوع التغيير الحقيقي اصعب كثيرا. ولكن، بفضل الله تعالى، فقد أضلهم غرورهم “وظنوا انهم مانعتهم حصونهم من الله  فاتاهم الله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم الرعب”. ولو انهم اوقفوا التعذيب مثلا وسمحوا بالاحتجاج والتظاهر، واعادوا جميع المفصولين الى اعمالهم دفعة واحدة ودعا لانتخابات لمجلس تأسيسي يكتب دستورا جديدا، ولو انهم أطلقوا سراح السجناء جميعا واطلقوا حرية الاعلام للنقاش السياسي، ولو ابعدوا بلطجيتهم من الشوارع وتظاهروا بمحاكمة بعضهم ممن  ارتكب جرائم بحق البحرانيين، لو فعلوا شيئا من ذلك لاصبحت مهمة المعارضة اكثر تعقيدا، ولانقسم الناس ازاء تلك الخطوات، ولاصبح داعموهم في واشنطن ولندن اقوى منطقا وأعمق شعورا بتحقيق شيء من الانجاز.

ولأن شيئا من ذلك لم يحدث، ولو حدث الآن لكان متأخرا وبدون أثر، فقد تهيأت الارضية ليس لاستمرار الثورة فحسب، بل لتجددها خصوصا مع استمرار الحراك السياسي والثوري في بقية دول الثورات. الامر المؤكد ان الامريكيين والبريطانيين دخلوا على خط الثورات وبذلوا جهودهم لتأجيل حسمها او ا جهاضها. ولكن هذا التدخل لن يكون عاملا حاسما اذا استمرت الجماهير في حضورها الثوري في الشارع، ورفضها الكامل لمشاريع التحايل والالتفاف على المطالب. فقد اصبح شباب الثورات على درجة كبيرة من الوعي باساليب قوى الثورة  المضادة، واقدر على التصدي لمحاولاتها وافشالها. الامريكيون والبريطانيون والسعوديون يتآمرون يوميا لمنع انتصار الشعوب، والاصرار على ابقاء خيار التغيير بايديهم، مهما كلف الامر، حتى لو ادى لقتل الآلاف من المواطنين. هذه السياسة المنفصلة عن واقع الناس وهمومهم ومصالحهم وسلامتهم، محكومة بالفشل الذريع لانها استرخصت دماء الابرياء واصرت على التحالف مع القوى الاستبدادية الشيطانية.  وقد يطول الزمن قبل النصر المحتوم لعباده المؤمنين والمستضعفين، وذلك هو “الإملاء” الالهي للطغاة لكي تكون نهايتهم عندما تحل مأساوية حقا. هذا ما حدث لصدام حسين والقذافي وحسني مبارك، ولن يكون طاغية البحرين مختلفا عنهم.

اليوم يقف البحرانيون رافعي الهامات بعد ان اتخذوا القرار التاريخ المؤجل منذ عقود، وهو المفاصلة النهائية مع الخليفيين. والكلمة الموجهة للمواطنين ومن يهمهم الامر من الساسة والعلماء والنشطاء والمفكرين: لا تستعجلوا فالنصر آت، وان الاستعجال لا يلغي النصر ولكن يؤخره ويزد من معاناة المظلومين. فكما قال الامام علي عليه السلام “انما يعجل من يخاف الفوت، ويحتاج الى الظلم الضعيففالخليفيون يظلمون لانهم ضعفاء ويشعرون بحتمية سقوطهم، وكلما اقترب ذلك ازداد ظلمهم وارهابهم. ولنتوقع تصاعد الظلم والقمع والتعذيب في المستقبل المنظور، فكل ذلك مؤشر لاقتراب نهاية الخليفيين. اما المظلومون فليتمسكوا بالصبر والتقوى، فكلما تعمق صبرهم اصبحوا اكثر استحقاقا للنصر، واذا استعجلوا واستدرجوا لاعادة التواصل مع الخليفيين المدعومين بالاحتلال السعودي، اصبحوا من عوامل تأخر النصر. ان القطيعة الكاملة مع الخليفيين شرط للنصر، ولا يمكن ان ينتصر شعب ويسقط نظامه اذا أبقى على خيوط التواصل مع عناصر ذلك النظام التي قد تصافحه بيد وتحمل السكين لتطعنه باليد الاخرى. وطبع الخليفيين الغدر دائما. اننا نحذر هنا من “التمكين” لهؤلاء بمصافحتهم او مجاملتهم او تبجيلهم وتعظيم رموزهم المجرمة. فكل مصافحة تؤجل النصر يوما او شهرا او عاما. ولقد فتح الله على المؤمنين بان جعل السنتهم تتلفظ في كل اعتصام او تظاهرة بجملتين مختصرتين ارتبطتا بثقافة الثورة : الشعب يريد اسقاط النظام،و “يسقط حمد“. انه إلهام إلهي استحقه الشعب لانه استرخص الدماء في مواجهة الظلم والسعي لاقامة العدل. هذان الشعاران أصبحا ثابتين في ثقافة شعب البحرين الثائر، ولن يمحوهما احد من تلك الثقافة. على هذا نتعاهد جميعا ونجعل الله وكتابه شاهدين علينا ونحن نؤبن شهداءنا الابطال، ونضمد جراح فوارسنا الاشاوس، ونواسي عائلات السجناء الابطال، ونتضرع بهما الى الله سبحانه ان يعجل النصر للمظلومين ويمحق الظالمين والطغاة والجلادين والمعذبين والسفاحين، فهو نعم الناصر والمعين.

اللهم ارحم شهدءانا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية
2
مارس 2012

زر الذهاب إلى الأعلى