بيانات حركة أحرار البحرين

فشل الخليفيون سياسيا وحقوقيا واخلاقيا، فليرحلوا

تعلم العائلة الخليفية ان بقاءها في السلطة ليس بسبب دعم الشعب لها او استنادها الى دستور كتبه ابناء البلاد واقره مواطنوها، بل لانهم مدعومون من قبل الولايات المتحدة الامريكية، وبالتالي فهي تعتقد ان ذلك البقاء لا يتأثر بما تقوله المنظمات الحقوقية الدولية او حتى مجلس حقوق الانسان. فالقرار الامريكي بالدعم لا يستند الى ارضية اخلاقية بل انه تعبير عن طبيعة شيطانية لا تنفك عما ألفه العالم من السياسات الامريكية في العالم منذ ان استخدمت واشنطن القنبلة الذرية لتدمير سكان هيروشيما وناجاساكي في 1945.

 مع ذلك فان اقل ما يمكن ان يتمخض عن الموقف الدولي الذي يشجب النظام الخليفي بسبب ممارساته غير الانسانية انه يمثل حرجا اخلاقيا وسياسيا للقوى الكبرى بقيادة امريكا، وان تواصل هذا الشجب من شأنه ان يؤدي الى تفاعلات قد تؤدي بمجموعها الى إخلال بموازين القوى الاقليمية لغير صالح نظام تفوق في اجرامه وانتهاكاته على انظمة سقطت بثورات شعوبها. وما حدث الشهر الماضي في جنيف من شجب واضح للانتهاكات الحقوقية الفظيعة التي مارستها الطغمة الخليفية كان خطوة ايجابية على طريق حصارها التدريجي الذي سينتهي بها الى السقوط حتما. هذا اذا لم تحدث تطورات اقليمية او محلية اخرى تسقطها. الامر المؤكد ان شعب البحرين لن يتعايش مع حفنة مجرمة من قطاع الطرق والمحتلين الذين يستحيل عليهم ان يلتزموا بالتعايش السلمي مع اهل البلاد الاصليين (شيعة وسنة). كان واضحا ان هناك تباينا كبيرا بين ما يحمله العالم المتحضر من قيم تنظم حقوق الانسان وما لدى هذه الزمرة من قيم البداوة من تعطش للدم وغلظة ضد البشر وسادية متعطشة للقتل. فالعالم يطالب بالافراج عن ابناء البحرين المرتهنين في طوامير التعذيب الخليفية، بينما يدعي ممثلهم في جنيف، وهو احد العبيد المستأجرين برواتب عالية، بان هؤلاء الابطال ليسوا سجناء سياسيين. كلمة هذا القن تلخص أزمة البحرين المتواصلة منذ عقود، متمثلة بهذا التباين الكبير في المنطلقات والقيم. فالعالم يعطي الحق الكامل لاي مواطن بالمطالبة بحقوقه السياسية ويعترف له بحقه في تغيير نظام الحكم في بلده، وشجب سياسات الحكام بدون ان يخشى من العقوبة والانتقام. بينما يعتبر الخليفيون ان من يطالب بتلك الحقوق مجرم، وبالتالي فهو ليس سجينا سياسيا. مطلوب من شعب البحرين ان يعيشوا عبيدا، كما هو حال العبد المستوزر الذي يمثل الطغمة الخليفية امام مجلس حقوق الانسان.

قد يعتقد الحكم الخليفي ان بامكانه الاستمرار في سياساته هذه ما دام الدعم الامريكي غير المشروط مستمرا، ولكن الحراك الثوري هذه المرة لن يتراجع عن ثورته حتى يسقط الحقبة السوداء  التي احالت حياة الشعب جحيما، والتي تشهد المزيد من فصولها متواصلا باستمرار تربع رموز التعذيب الخليفي وعلى راسهم الديكتاتور وابناؤه وعمه على صدور البشر. ونود هنا الاشارة الى بعض النقاط:

الاولى: ان محاكمة رموز الثورة وقادتها التي بدأت مؤخرا اظهرت للعالم طبيعة الاجرام الخليفي ودعمت ما يقوله الثوار عن استحالة التعايش مع عدو لم يترك جريمة الا ارتكبها بحق اشرف الناس واكرمهم واكثرهم ايمانا وعلما وثباتا وصدقا. فما وصفه الاستاذان عبد الوهاب حسين وعبد الهادي الخواجة من تعذيب لم يمارسه حتى الصهاينةبحق الفلسطينيين كشف جانبا من الجرائم التي لم يحدث مثيل لها في ما مضى من الحقب التاريخية. وليس مستبعدا ان يوقف الخليفيون المجرمون هذه المحاكمة التي تحولت الى محاكمة للمحتل الخليفي واظهرته للعالم وحشا كاسرا وعدوا خبيثا ومجرما دونه ابشع الانظمة السياسية في العالم.

الثانية: ان شهادة عالمية اخرى ظهرت في اروقة مبنى حقوق الانسان التابع للامم المتحدة في جنيف خلال شهر مايو. فلم تبق دولة ذات قدر من الديمقراطية والسيادة والحرية الا علقت سلبا على اوضاع حقوق الانسان في البحرين بعد تقديمها التقرير الدوري الشامل. وعندما قال صلاح علي، وزير الطغمة الخليفية لحقوق الانسان، انه لا يوجد سجناء سياسيون في البحرين، كان ذلك شهادة دامغة امام العالم باستحالة اقناع هذه الطغمة باحترام حقوق الانسان او السماح بحرية التعبير او التجمهر او الاحتجاج. فليس هناك دولة، سوى السعودية، تقبل بذلك المنطق او تعتبر ان آلاف البحرانيين الذين اعتقلوا مجرمون. بل ان كافة الدعوات المنطلقة من المنظمات الحقوقية الدولية والدول تطالب الخليفيين المجرمين باطلاق سراح المعتقلين باعتبارهم سجناء رأي، اعتقلوا وعذبوا بسبب قناعاتهم ومواقفهم ومطالبتهم بالاصلاح السياسي او تغيير النظام، وكلها مطالب مشروعة وفق القوانين الدولية.

الثالثة: ان رفض الشرذمة  الخليفية تنفيذ توصيات لجنة بسيوني اثبت للعالم انها نظام ديكتاتوري شمولي لا ثملك القدرة على اتخاذ خطوات اصلاحية حقيقية. وقد اتخذ الديكتاتور في الشهور الاخيرة اجراءات عدة اثبتت ذلك. فقد قام بترقية مهندس التعذيب في السنوات الاخيرة، خليفة بن عبد الله آل خليفة، عندما وجهت انتقادات واسعة لجهاز الامن الوطني الذي يرأسه والذي عذب المئات من المواطنين في طواميره بأبشع الوسائل والاساليب. كما فتح المجال لعادل فليفل، أشرس معذب عرفته البلاد، للعمل السياسي والظهور الواسع في الاعلام واستفزاز ضحاياه وتحدي ابسط قيم حقوق الانسان، الامر الذي اضاف للقناعة بان الخليفيين قوة شريرة لا يمكن ان تتحول الى نظام حكم عصري يحمي حقوق الانسان ويسمح بالحريات العامة.

الرابعة: ان الثورة تسير بخطى ثابتة على طريق تحرير البلاد من  الاستبداد الخليفي والاحتلال السعودي، وما الاحتجاجات والتظاهرات المتواصلة الا تعميق لخط الثورة واثبات قاطع على فشل كافة وسائل القمع التي انتهجتها الزمرة الخليفية، ابتداء باستدعاء الاحتلال السعودي، مرورا بابشع وسائل القمع والتنكيل وهتك الحرمات وانتهاك حقوق الانسان. يضاف الى ذلك ان فعاليات الثورة لم تتوقف يوما واحدا منذ انطلاقتها في 14 فبراير 2011. فكل يوم يشهد مسيرات وتظاهرات واحتجاجات في كافة مناطق البلاد، الامر الذي اصبح مصدر قلق لحلفاء العائلة الخليفية الذين اعتقدوا ان تحالفهم الشرير قد استطاع القضاء عليها. فاذا كان الحراك السياسي قبل الثورة مقتصرا على النخبة الناشطة، فقد تغير الوضع الآن واصبح الحراك شعبيا على اوسع نطاق. وظهرت اصوات وشخوص لم تكن ظاهرة من قبل. وبرغم تغييب رموز الثورة وقادتها وراء القضبان وتعذيبهم بوحشية وقتل العشرات من الثوار، فقد تضاعفت اعداد النشطاء الذين استطاعوا ملء الفراغ القيادي والتوجيهي، واصبحت العناصر القيادية هي الغائبة الحاضرة في الميدان. وما اكثر نشطاء حقوق الانسان الذين حضر منهم اكثر من ثلاثين عنصرا في جنيف الشهر الماضي. يضاف الى ذلك اعداد اخرى من شباب الثورة الذين يخططون ويشاركون ويتحملون مهمة ادارة ملف الصراع مع العدو الخليفي بكفاءة واصرار وحماس.

الخامسة: ان تغييب اهم اربعة نشطاء لحقوق الانسان في طوامير التعذيب (عبد الهادي الخواجة، د. عبد الجليل السنكيس، نبيل رجب وزينب الخواجة) لم يقلل وهج الثورة، بل عمق القناعة بضرورة اقتلاع السرطان الخليفي القاتل قبل ان يقضي على الجسد البحراني باساليبه الوحشية. ويعتقد الثوار والمعارضة ان قرار التغييب ليس محليا، بل انه حظي بموافقة انجلوامريكية من خلال جون تيموني وجون ييتس، الشرطيين ذوي السمعة السيئة في مجال عملهما سابقا. وبدلا من ان يفت هذا التغييب في عضد الثوار، فقد زادهم ايمانا بان بقاء الخليفيين في الحكم خيار مرفوض جملة وتفصيلا لانهم لا يمارسون دورهم كحكومة بل كطغمة حاقدة تستعمل السلطة ليس لحماية الوطن والشعب واقامة حكم القانون بل لقمع المواطنين والقضاء على الشعب تدريجيا. ويشارك في مخططهم الاجرامي هذا دول اجنبية اهمها السعودية وامريكا وبريطانيا والكيان الاسرائيلي. ولقد ادرك الشعب ان استمرار الاعتقالات والعودة لاستعمال الاسلحة الفتاكة كالغازات الكيماوية وسلاح الشوزن والتنكيل بالمعتقلين، يعني ان الحكم تحول الى اداة للقمع وليس لاقامة حكم القانون.

السادسة: لقد ضاقت الخيارات المتاحة للقوى السياسية التي كانت تعتقد ان بامكانها التغيير من الداخل واصلاح نظام الحكم الخليفي. وبعد خمسة اعوام من التجربة الميدانية وعام من التجربة  الثورية، ادركت هذه القوى استحالة تحقيق شيء من ذلك. وجاء فرض ما سمي الاصلاحات الدستورية مؤخرا ليكشف لهذه القوى ان الخليفيين حددوا سقف مشروعهم “الاصلاحي” وانهم لن ينفذوا توصيات بسيوني، ولن يقوموا باصلاحات سياسية ذات معنى او يسمحوا بحوار جاد على قدم المساواة مع المواطنين. وكما فعلوا سابقا، فقد كان حوارهم يتمثل بارسال بلطجيتهم باعداد هائلة للجلوس على الطاولة مع حفنة من ممثلي جمعيات المعارضة، ليتحدثوا في قضايا فرعية ليست ذات شأن. اما القضية الاساس المتثملة بالاجابة على السؤال: كيف يجب ان تحكم البلاد؟ وعلى اي اسس دستورية؟ ومن الجهة المخولة بذلك؟ هذه التساؤلات ليست مطروحة للحوار، الذي اصبح يهدف لفرض اجندة سياسية تسعى الطغمة الخليفية لفرضها على الشعب. وهكذا فشلت تجربة التعايش مع الحكم الخليفي، جملة وتفصيلا، وادرك النشطاء في الجمعيات السياسية ان خيار الاصلاح الحقيقي ليس واردا.

وعليه دخلت الثورة مرحلتها الاخيرة التي تتجه نحو الحسم النهائي لفصل دموي من الصراع مع العدو الخليفي، آملة ان تتحقق نتائج التغيير سريعا لصالح الشعب وضد الاستبداد والديكتاتورية التوارثية.  فلا مستقبل للبلاد الا بالحرية وسلطة الشعب وسيادة الوطن، وقد فشلت الطغمة الخليفية في تحقيق اي منها.

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية
25
مايو 2012

زر الذهاب إلى الأعلى