بيانات حركة أحرار البحرين

عاشوراء وثقافة رفض التعذيب والتطبيع

يحق لشعب البحرين ان يفخر بهويته وتاريخه وايمانه وصلابته وبصيرته. وهذا ما يفتقده الخليفيون واحذيتهم. هذا الشعب لديه مباديء وقيم وانتماء انساني وديني، يرفض التخلي عن اي منها برغم محاولات الطاغية وعصابته. هذه المحاولات تجاوزت الحدود حتى وصلت حد التطبيع مع العدو للاستفادة من خبرته في قمع شعب عربي آخر يعاني من الاحتلال والاجرام كما يعاني البحرانيون الاصليون (شيعة وسنة). وتؤكد تجربة المائة عام الاخيرة انعدام الارضية المناسبة للتعايش بين البحرانيين والخليفيين. فلم يمر عقد من هذا القرن الا وشهد انتفاضة او ثورة ضد الحكم الخليفي، وهذه الانتفاضات كان اغلبها ذا طابع وطني، شارك فيها كافة المواطنين، شيعة وسنة، اسلاميين وليبراليين. ودفع الجميع ثمنا باهضا، حيث اكتظت السجون بالاحرار، ونفي الكثيرون منهم، بينما استشهد المئات تحت التعذيب وعلى المشانق. انها قصة دامية لم تتوقف فصولها ابدا، ولا يتوقع انتهاؤها الا بعد ان يتغير المشهد السياسي بشكل جوهري ويستعيد الشعب سيادته وكرامته وحقوقه السياسية كاملة بدون نقص او مساومة. ويكفي للتدليل على هذه الحقائق لكشف تحطم الاوهام الخليفية المؤسسة على الشعور بالتفوق والغلبة والاحتلال يمكن طرح ما يلي:

اولا: تجربة موسم عاشوراء الحالية. فما جرى خلال الموسم فاق حد التصور من حيث الثبات والتصميم، وكذلك على مستوى الاخراج  والاداء. فقد تحدى الشعب قرارات الطاغية بمنع فتح المآتم وخروج المواكب، ثم التزم المواطنون بالضوابط الصحية كالتباعد الاجتماعي وارتداء القناع، وهتفوا باسم الحسين وضد يزيد. وهذه الامور الثلاثة سعى الخليفيون لمنعها وتجريم من يقوم بها. ولم يكتف بتسليط كلابه على المظاهر العاشورائية بل حوّل دائرة الاوقاف الى آلة قمعية تمارس ما لا يقع ضمن صلاحياتها، وسعى لتحويلها الى شرطي آخر للقمع والاضطهاد. كان موسما هادئا في ظاهره ولكن مشاعر الغضب كانت مختزنة في نفوس المواطنين. فقد رأوا في الاجراءات الخليفية اضطهادا دينيا ممنهجا، ومصادرة للحقوق الدينية المشروعة، وعدوانا على الشعب وتاريخه وثقافته. وكان الشعب مستعدا لذلك فتحدى المشروع الخليفي الاموي بصلابته وهدوئه، مستلهما من الحسين معاني الايمان والصلابة والصمود. لقد كان الموسم تجسيدا صادقا لمفهوم الحضور الميداني، فما من قرية الا ومارست شعائرها تحت حراب الخليفيين، مستعدين لنيل الشهادة على ايدي اليزيديين. وما من موقع في العالم الافتراضي الا وكان محطة لاحياء ذكرى الحسين عليه السلام وظلامة آل بيت رسول الله وكشف حقيقية القوى المضادة لدين الله وتراث نبيه عليه افضل الصلاة والسلام. كان موسم عاشوراء تظاهرة دينية ثقافية لم تنفصل عنها السياسة لحظة. وهذا ما جعل الخليفيين يهرعون للبحث عن وسائل لقمع هذه الشعيرة في الاعوام المقبلة. وقد بدأوا فعلا بتوظيف الخبرات الاسرائيلية لدعم مشروع اضطهاد الاغلبية الساحقة من المواطنين، ضمن مشروع امني فتح للاسرائيليين ابواب النفوذ والسيادة في الدول التي طبّعت علاقاتها مع الكيان الاسرائيلي.

ثانيا: جريمة  التطبيع مع الاحتلال تتواصل بعد اعلان الامارات توسيع دائرة التعاون مع الصهاينة. القرار الاماراتي كان صادما للشعوب العربية، ومدعوما من دول الغرب خصوصا امريكا. وقد فتح طغاة الامارات المجال كاملا للوجود الاسرائيلي بمنطقة الخليج. فقد فتحوا المجال للطيران الاسرائيلي لتسيير رحلات جوية لابوظبي، وفتحت السعودية اجواءها للطيران الاسرائيلي في الوقت الذي ما تزال مغلقة امام الطيران القطري. هذا التطبيع رفضه البحرانيون بدون استثناء. فوقع اكثر من 20 جمعية بيانا يرفض التطبيع ويندد بالمهرولين والمنبطحين ابتداء بحكام الامارات وصولا الى ا لخليفيين. واصدرت فصائل المعارضة البحرانية بيانات ضد التطبيع، بينما اكتظت وسائل التواصل الاجتماعي بالادانات والتنديد بالعصابات التي تحكم بلداننا بالنار والحديد وتتصدر مشهد التطبيع، وتعلن بوضوح خيانتها قضية الامة المحورية، وتتنكر لفلسطين وشعبها. وفي خضم المعارك الاعلامية تسابقت الابواق الرسمية لترويج مشروع التطبيع، الامر الذي انعكس سلبا على قضايا امن المنطقة واستقرارها، لان شعوبها ترفض الاستفزازات التي ارتكبتها تلك الانظمة بالخروج على اجماع ا لامة وبدء التطبيع مع عدو غاشم. الخليفيون اعلنوا تأجيل التطبيع بعد ان وقف الشعب بشجاعة بوجههم، وتحولت القضية الى بوابة لثورة شعبية تعصف بالعصابة الخليفية العميلة وتنهي عهد هيمنتها على البلاد. الخطوة الخليفية اعتبرت شكلية وتضليلية من جهة، كما اعتبرت انها انعكاس للسياسة السعودية التي ارتأت إبطاء خطوة التطبيع خشية خسارة القاعدة الشعبية والرأي العام في اغلب الدول العربية. انها واحدة من المحطات التاريخية الحبلي بالمفاجآت بعد ان انكشفت حقيقة الحكومات العميلة التي تصدرت المشهد السياسي العربي مستغلة غياب القوى العربية الكبرى مثل مصر وسوريا والعراق. ويتوقع ان تصبح قضية فلسطين مائزا اضافيا في المعادلة السياسية البحرانية، نظرا لتشابه القضيتين وتعمق شعور البحرانيين بان بلادهم تخضع للاحتلال الخليفي البغيض.

ثالثا: اعلن شعبنا، بدفع من بصيرته ووعيه، رفضه اساليب التجميل التي تنتهجها العصابة الخليفية، وآخرها الاعلان عما اسمته الخطة الوطنية لحقوق الانسان. هذه الحملة جريمة اضافية تهدف لحماية الجلادين والمعذبين والسفاحين الذين ولغوا في دماء البحرانيين عقودا. اليوم يسعى الطاغية وعصابته لتوظيف المال الاماراتي والسعودي لشراء المزيد من الاصوات والمواقف لترويج كذبة فاضحة بان الخليفيين حريصون على حقوق الانسان. هذا في الوقت الذي تكتظ السجون الخليفية بالسجناء السياسيين، وتتزاحم التقارير الدولية التي توثق الانتهاكات الجسيمة لتلك الحقوق وفي مقدمتها التعذيب الممنهج ومصادرة الحريات العامة وسجن المواطنين بسبب تغريداتهم التي تزعج موظفي قصر الطاغية. هذا الشعب البطل يؤمن بحقيقة لا تتزعزع: ان حقوق الانسان لن تحترم يوما في ظل الحكم الخليفي، فالديكتاتور لا يمكن ان يحترمها، والنظام الذي لا يقوم على مبدأ “لكل مواطن صوت” يبقى عدوا للاحرار الذين يصرون على حقهم في ادارة بلدهم وانتخاب نظام حكمهم ورفض الهيمنة المطلقة على البلد والشعب، ويرفضون تسليم السيادة لجهات اجنبية. ان الشعب اوعى كثيرا من الجلادين الخليفيين وابواقهم وعملائهم، ولن يسمحوا لمشروع التضليل الحقوقي بابقاء الستار على الجرائم الخليفية وفي مقدمتها حماية الجلادين ومصادرة الحريات العامة والاضطهاد الديني الممنهج وارتكاب ابشع الجرائم الحقوقية خصوصا مع المناضلات المعتقلات. هذه الحملة خطوة اجرامية اخرى هدفها تغطية الجرائم الخليفية وتثبيت سياسة الافلات من العقاب، وحرمان ضحايا القمع الخليفي من الانصاف. لو كان هناك نية حقيقية لتحسين حقوق الانسان لصدر قرار بالافراج عن السجناء السياسيين الذين اعتقل اكثر من 95 بالمائة منهم بسبب تعبيره عن موقفه بشكل سلمي. فليخسأ الخليفيون وعبيدهم من مساحي الاحذية ولاعقي القصاع. شعبنا سيظل مؤمنا بربه ثابتا على موقفه مصرا على مطالبه ساعيا للتغيير الحقيقي الذي يبدأ بتحرير الارض من المحتل الخليفي وداعميه.

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية

4 سبتمبر 2020

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى