بيانات حركة أحرار البحرين

القمع والاضطهاد والاجرام من سمات الحكم الزائل

عندما يبالغ الحاكم في التنكيل بمواطنيه فمن المؤكد انه يمر بازمات تهدد وجوده. وحين يصل هذا التنكيل الى حد السجن الجماعي والتعذيب والاعدام فان الحكم يكون قد شعر حقا بان وجوده مهدد. والاخطر من ذلك حين يتحدث الحاكم وعصابته واعلامه كثيرا عن وجود “مخطط يسعى لقلب نظام الحكم بالقوة” فان مستقبله اصبح موضع شك. فلا يمكن لنظام حكم البقاء اذا تكررت “محاولات قلب النظام بالقوة” لان ذلك من تجليات أزمة الوجود والشرعية. وليس هناك نظام حكم عربي اعلن عن وجود محاولات انقلابية متكررة بالعدد الذي ادعاه الطغاة الخليفيون. فعلى مدى اربعين عاما لم تمر حقبة بدون ان يعلن عن “كشفه” خطة انقلابية تارة او “مجموعة ارهابية” ثانية او “مؤامرة للاطاحة بنظام الحكم بالقوة” ثالثة. انها من معالم المرض السياسي الذي تعاني منه عصابة الحكم في البحرين. وما اكثر الذي سيقوا الى طوامير التعذيب والمقاصل بهذه الدعوى الباطلة. انها باطلة من جهة وصحيحةمن جهة اخرى. اانها باطلة لانها ليس لها مصداق في الواقع على صعيد التخطيط او التنظيم. فليس هناك مجموعات منظمة اعدت مشروعا حقيقيا للاطاحة بالحكم، برغم ما قيل عن مجموعة الـ 73 الذين اعتقلوا ونكل بهم في ديسمبر 1981. ليس هناك تنظيم عسكري يمتلك من مقومات التخطيط لما يسميه الخليفيون “انقلابا عسكريا”. وفي الوقت نفسه فان الدعوى صحيحة في مدلولها. فالشعب يريد اسقاط النظام، وهذا ليس سرا بل رفعه الثوار شعارا منذ انطلاق ثورة 14 فبراير وما يزال يرفع حتى اليوم. البحرانيون الاصليون “شيعة وسنة” يريدون سقوط الحكم الخليفي الى الابد، فهو ليس صديقا او حليفا لاي من المكونات البحرانية التي تشكل المجتمع الذي يسعى الخليفيون للقضاء عليه. فالاحتجاجات التي تعصف بالبحرين منذ عقود تتضمن في جوهرها هدفا واحدا: انهاء حقبة حكم العصابة المجرمة التي حكمت البلاد بالنار والحديد معتمدة على الدعم الاجنبي.

في الشهر الماضي قامت اجهزة الامن المجرمة باستباحة العديدد من المناطق واعتقال العشرات من المواطنين وصل عددهم الى حوالي 40 شخصا من اليافعين. وبعد ايام اعلنت وزارة الداخلية الخليفية “اكتشاف خلية تخطط لقلب نظام الحكم بالقوة”. وللمرة الاف يتبادر لاذهان المواطنين ان ديسمبر الذي كان موسما لاطلاق تلك الادعاءات على الابواب وان ذلك يتطلب اعلانا من هذا النوع. وما الضير من ذلك الاعلان طالما كان ضحاياه من البحرانيين الاصليين؟ التقارير الاولية تؤكد ان هؤلاء تعرضوا لابشع اصناف التعذيب وانهم اجبروا تحت الاكراه والتهديد بالتعذيب والاغتصاب لتوقيع “افادارت مزورة” تؤكد دعوى الابواق الخليفية. وليس هناك من يستطيع تحمل التعذيب الخليفي، ولذلك يرى الضحايا ان توقيع الافادات المزورة برغم زيفها، اهون من الاستمرارفي طوامير التعذيب وتحمل مباضع الجلادين التي ادت لاستشهاد العشرات خصوصا في سراديب جهاز الامن الوطني الذي يديره الطغاة الخليفيون. هذه المرة تجاوز التعذيب حدود المألوف، واستفاد الجلادون من توجيهات “الخبراء” الاجانب الذين قاموا بتدرينهم على طرق اخفاء التعذيب وانكاره ومنع وصول اي دليل عليه الى الخارج. ولذلك يواصل الطاغية وعصابته منع دخول المقررين الخاصين خصوصا المسؤول عن التعذيب لمنع اكتشاف جرائهم. لقد تعلموا من تجربة لجنة شريف بسيوني التي اصدرت تقريرها في نوفمبر 2011 واكدت وجود “تعدذيب ممنهج”. يومها سمح للجنة بمقابلة بعض سجناء الرأي وتأكد لهم بما لايقبل الشعب انهم تعرضوا لتنكيل ممنهج كجزء من سياسة ثابتة لدى الخليفيين. ومنذ ذلك الوقت استقدموا العديد من “الخبراء” خصوصا البريطانيين لتدريب جلاديهم على اخفاء هذه الممارسات الشنيعة التي ادى كشفها لتثبيت سياسة ثابتة اطلق عليها تقرير بسيوني “التعذيب الممهج”. كما تعلموا، بتشجيع من اولئك الخبراء، طرق منع وصول الخبراء الاممين الى الداخل لكي لا يطلعوا على الجرائم الحقيقية لهذه الطغمة الفاسدة.

امام هذه الحقائق، خصوصا شعور العائلة الخليفية بالرفض المطلق لوجودها في الحكم من قبل السكان الاصليين (شيعة وسنة) ما هو المتوقع من تطورات في الفترة المقبلة؟ ثمة مؤشرات عديدة لاستشراف ذلك المستقبل. اولها ان الخليفيين حسموا موقفهم تجاه شعب البحرين منذ فترة وبدأوا اعادة رسم خططهم وسياساتهم بعدم الاعتماد على ذلك الشعب، والسعي المتواصل لاستبداله بشعب اجنبي عبر مشروع التجنيس السياسي. ثانيا: ان هذا الموقف يعني ان الديكتاتور سوف يواصل التجنيس برغم الاعتراضات المحلية، وسوف يسعى بشكل متواصل لتهميش السكان الاصليين واضعافهم والتنكيل بهم وممارسة الاستباحة الجماعية لمناطقهم بشكل متواصل حتى لو هدأت الامور. فعقليته التآمرية تدفعه للاعتقال بوجود “مؤامرة لاسقاط نظام الحكم بالقوة” منذ عقود ولن يستطيع التخلي عنها حتى لو حدثت انفراجة سياسية مؤقتة (وهذا لن يحدث). ثالثها: ان الخليفيين سيزدادون اتكالا على البريطانيين لضمان وجودهم خصوصا ان حكام لندن يبحثون عن مواطيء قدم سياسية في الشرق الاوسط بعد انسحابهم من الاتحاد الاوروبي. المؤسسة البريطانية ترتكب خطأ سياسيا واستراتيجيا بقرارها التحالف مع انظمةالقمع والاستبداد في الرياض والمنامة وابوظبي، لان النظمة الحاكمة في هذه البلدان هشة جدا وضعيفة بدليل هزيمنتها المنكرة على ايدي اليمنيين بعد مرور خمس سنوات من الحرب الاحادية الجانب (اي ان قوى التحالف الذي تقوده السعودية هي التي هيمنت على الاجواء ودمرت اليمن بدون ان يكون هناك ردع يمني جوي الا في الفترة الاخيرة). رابعها: ان الخليفيين يسعون لتقليل الاعتماد السياسي على الرياض وابوظبي لعدم ضمان استمرار الحكومتين في المواقع السياسية المتقدمة التي تقمصوها في السونات الاخيرة. ويخشون ان يكون مصيرهم قد ارتبط بمصير آل سعود وآل نهيان. وفي الوقت نفسه سيواصل الخليفيون سياسة الاعماد المالي على الدعم الخليجي لضمان رفاهية افراد البيت الخليفي الذين استحوذوا على المساعدات الخليجية بشكل كامل. خامسا: ان الحراك الشعبي البحراني ولد ليبقىن ولن تستطيع قوة في الارض ان تبعده عن اهدافه او تسيطر عليه  او تجره الى مشروع استسلامي يقضي على المعارضة. هذا الحراك تتجدد مصاديقه يوميا، ويفرض نفسه على الساحتين المحليةوالدولية بدون توقف. سادسها: ان الصراع بين البحرانيين والخليفيين وصل مرحلة كسر العظم، فكلا الطرفين يرفضان التعايش معا ويسعيان لضمان طلاق دائم. الخليفيوين يريدون هذاالطلاق متمثلا بالتجنيس السياسي الذي يستبدل الشعب الحالي بشعب مستورد، اما البحرانيون فيرون ان الوقت قد حان لاستبدال الحكم الخليفي بمشروع سياسي مؤسس على مبدأ “لكل مواطن صوت”.

الحراكات التي شهدتها البلاد الشهر الماضي كانت مؤشرا لفاعلية الشعب وقوة صموده وعمق شعوره بضرورة العمل لاسترداد ارضه وهويته من الغاصببين. وتحت شعار “قرر مصيرك” شهدت مناطق عديدة احتجاجات بوسائل سلمية متحضرة تؤكد شخصية البحراني وحرصه على حفظ امن ارضه التي قضى المحتل الخليفي وداعموه على امنها وسلمها وسيادتها. وبموازاة ذلك عمد العدو الخليفي لاصدار المزيد من الاحكام الجائرة بحق شباب الوطن من السكان الاصليين، واهما انه بذلك سيقضي على دوافع الحراك لديهم. هؤلاء الاحرار يواصلون مشوارهم الثوري بدون توقف، ويعلمون ان لدى العصابة الخليفية المزيد من التآمر على الوطن والشعب. وان شهر ديسمبر لا يمكن ان يمر بدون المزيد من ذلك. ان لديهم موعدا مع عيد الشهداء في السابع عشر من هذا الشهر الذي طالما اعلن الطغاة خلاله في السنوات السابقة عن اكتشاف الخلايا والتننظيمات والمؤامرات ضد الحكم الخليفي الجائر. انه سباق مع الزمن من اجل اثبات الوحود من قبل الطرفين. فكلاهما يشعر ان الآخر يخطط ضده. الامر المؤكد ان تعايش الطرفين اصبح مستحيلا وان الوقت قد حان لطلاق ابدي يفضي الى نهاية الحكم القبلي التوارثي الاستبدادي. صحيح ان الامريكيين والبريطانيين يواصلون دعمهم للعصابة الخليفية ولكن من قال ان من تدعمهم امريكا ينتصرون؟ تؤكد حقائق التاريخ المعاصر ان العكس هو الصحيح وان الامريكيين انما يطبعون “قبلة الموت” على المتعاونين معهم. وهذا ما حدث لعملاهم في سوريا والعراق. فدافعهم لدعم اي طرف انما هو من اجل النفوذ والمصلحة، وليس دعما لمبدأ او انسانية. انه سجال متواصل بين الطرفين منذ عقود. الامر المؤكد ان كلمة الله تعلو، اما كلمة من سواه فإلى زوال. على طريق الله سار شبابنا منذ سنوات، وما دام مؤمنا بربه ووطنه وشعبه فسوف يكون النصر حليفه بعون الله تعالى، وما ذلك على الله بعزيز.

 اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية

29 نوفمبر 2019

 

زر الذهاب إلى الأعلى