بيانات حركة أحرار البحرين

البحرانيون متشبثون بالمشروع المحمّدي ضد اليزيديين

نعزي المسلمين باستشهاد الإمام الحسين بن علي عليه السلام وأهل بيته وأصحابه، ونخص بالعزاء شعبنا البحراني البطل الذي ما برح يدفع ثمن ولائه للمشروع المحمّدي، تنكيلا واضطهادا وظلما. السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أبناء الحسين وعلى أصحاب الحسين. 

كربلاء، كما كانت منذ العام 680 ميلادية، غصة للطغاة ومصدر أمل للمظلومين، وعنوانا للصمود والشموخ. وستظل كذلك إلى ما شاء الله. فهناك مشروع إلهي جاء به محمد بن عبد الله يتعرض منذ يومه الأول للتنكيل ومحاولات الإلغاء او التخريب او الحرف عن المسار. هذا المشروع شاء الله ان يظهره ولو كره الكافرون. وسيظهر في هذا العالم المبتلى بالظلم والفساد والانحراف، ليعيده الى الخط الإلهي الذي يحقق له الأمن والرفاه. الحسين كان البداية في النهضة العالمية المتواصلة لتحقيق ذلك. وقبله كان أبوه وأخوه قد تصديا لرموز المشروع الأموي الذي سعى لضرب دين محمد بن عبد الله بلا رحمة او هوادة. فقد تصدى التحالف القبلي الشرير الذي تصدى لرسالة محمد بن عبد الله واستخدم أبشع وسائل التنكيل لوأد المشروع منذ يومه الأول، فعذب سميّة بنت خياط وزوجها ياسر حتى الموت، واستهل سياسة التصفية في الميادين بقتل حمزة بن عبد المطلب وبقية العمالفة، وقتل عليا وبدأ مشروع التصفية باغتيال سعد بن عبادة ثم حجر بن عدي وميثم التمار ورشيد الهجري. واستمر ذلك المشروع ليصل الى ذروة دمويته بقتل الحسين وأهل بيته وانصاره. وقد استمر التنكيل بأتباع رسالة محمد بن  عبد  الله، ونال البحرانيون نصيبهم من ذلك التنكيل خصوصا في العصر الحاضر منذ ان احتل الخليفيون بلادهم. هؤلاء البحرانيون مرتبطون بشكل وثيق بثورة الإمام الحسين، خصوصا أن عددا من شهداء كربلاء كانوا بحرانيين، وهناك ثمانية على الأقل (10 بالمائة) من قبيلة عبد قيس التي تقطن البحرين، ويلقب الواحد منهم بـ “العبدي”. وقد أبلوا بلاء حسنا في كربلاء واستشهدوامع الحسين عليه السلام. وهذا يضفي على واقعة الطف بعدا آخر لدى البحرانيين الذين يشعرون أنهم محسوبون تاريخيا على الخط المحمدي الحسيني، وضد المشروع الأموي اليزيدي. 

 

المشروع المضاد للإسلام المحمدي لم يتوقف عن إجرامه يوما، فهو ليس محصورا بفئة بشرية واحدة او لحظة زمنية بعينها، بل هو عنوان لاستهداف الباحثين عن الحرية التي تعمّق الإيمان وتربط الانسان بالهل وتحرره من الطغاة والمستغلين وناهبي ثروات الشعوب وممتهني الموت والتصفية الجسدية، ابتداء بالسيف وصولا الى أحدث ألاساليب التي تسعى لاقتلاع الإنسان من وجه الارض. هذا المشروع له مصاديق تتجسد في اغلب بدان العرب والمسلمين بشكل خاص، وينال الحسينيون نصيب الأسد منها. ولطالما سعى أصحاب المشروع الأموي ماضيا وحاضرا لاقتلاع مصادر الثورة وفرض اساليب التجهيل والتشويش والتضليل، كل ذلك ضمن مشروع اقتلاع مشروع محمد بن عبد الله الهادف لتحرير الانسانية. ولا يمكن اعتبار دماء الحسين واصحابه التي سفكت في كربلاء إلا ضمن مشروع الوعي الهادف لإعادة بريق المشروع المحمدي وكسر شوكة أعداء الله والإنسانية. ألم يسع الامويون والعباسيون لتدمير قبر الإمام الحسين؟ ألم يدمره المتوكل؟ ألم تضرب قبته بالطائرات؟ ألم يعتقل الحسينيون وينكل بهم ويقتلوا؟ ألم يسع الخليفيون لمنع زيارة العتبات المقدسة في العراق وإيران؟ ألم ينكلوا بمن زار مرقد الحسين طوال العقود الأربعة الأخيرة؟ فمن غباء الطغمة  الخليفية إظهارها بشكل صريح انتماءها الأموي بشكل فاضح. فقبل ثلاثة أعوام فحسب جمع القنّ الخليفي (وزير داخليتهم) الخطباء وأنذرهم بالويل والثبور إن تعرضوا لشخص يزيد، وربما اعتبر ذلك “تهديدا لأمن الدولة”، معتقدا ان ذلك الترهيب سوف يفت في عضد الحسينيين. الأمر الملاحظ أنه ما ان يصدر هذا القنّ اوامره ويزبد ويرعد حتى يأتي الرد الشعبي حاسما: تكثيف المشاركة في الفعاليات الحسينية واستسخاف الهراء الخليفي. وهذا ما حدث هذا العام، ففي غضون ساعات من تريحات ذلك القنّ (وزير داخلية الخليفيين) حتى نزل المعزّون بأعداد ضخمة الى الشوارع هاتفين: هيهات منا الذلة، وهو شعار سبق ان استخدم لتجريم من ينطق به. 

تتعدد أشكال استهداف الحسين ومشروعه المحمدي. ولكن مشكلة قادة المشروع المضاد للإسلام المحمدي أنهم واجهوا في السابق علي بن أبي طالب والحسين بن علي وأجيالا من الفقهاء والعلماء والمجاهدين، ففشلوا دائما في استئصال الحسين من الوعي الجماهيري. ولكنهم لم يتوقفوا يوما، وما يزالون يحاولون ذلك. بالأمس ظهر وزير الداخلية الخليفي ليعلن موقفه بوضوح إزاء المشروع الحسيني: لا نرحب بالسياحة الدينية في البحرين، ولا بالخطباء والرواديد الحسينيين. فاستخسف البحرانيون كلامه وانطلقت ادعية النساء اللاتي بكين الحسين كل ليلة بالدعاء عليه وان يمحقه الله وعصابته وما يمثله من حقد ضد محمد بن عبد الله وأهل بيته. وما أن بدأت مراسم إحياء الموسم الحسيني حسب ما اعتاده البحرانيون منذ الأيام الأولى بعد استشهاد أبي عبد الله، حتى بدأت أساليب الاضطهاد والاستهداف والاستفزاز، فاذا بالعصابة الخليفية المجرمة تستخدم إمكانات الدولية واجهزتها لاستهداف المظاهر الحسينية، باقتلاع السواد تارة والتحرش بالمعزين تارة أخرى، والتهديد بغلق المآتم وسجن الحسيين ثالثة.  

البحرين عاشت الولاء لرسول الله وأهل بيته منذ القدم وثبتت على ذلك الخط في كافة الظروف ولم تستطع أي من القوى التي احتلتها عبر القرون تغيير مسارها الديني وانتمائها الولائي. ومنذ احتلالهم البلاد، سعى الخليفيون لإعادة البحرين للخط الاموي ففشلوا دائما. واليوم يحاول قنّ خليفي تافه تكرار تجربة آبائه، فهو يحترق في داخله وهو يرى الجماهير البحرانية تتحداه ومشروعه الأموي وتحوّل البلاد إلى ساحة تكتظ بالفعاليات طوال موسم عاشوراء لتؤكد للعالم ان البحرين ترفض المشروع الأموي الذي يمثله الخليفيون، وتصر على تأكيد ولائها لمحمد بن عبد الله وأهل بيته. مشكلة هذا القنّ انه عاجز عن فعل أي شيء سوى التنكيل والإجرام، وقد أصبحت سياسات عصابته معروفة، تتكرر كل عام، ولكنها لم تؤثر شعرة على أرض الواقع. فما أكثر الشهداء الذين مزق اليزيديون الجدد أشلاءهم في الميادين تارة والسجون أخرى وعلى مقاصل الإعدام ثالثة، ضمن سياسة تفوقت في الإجرام على السياسة الأموية، وما أكثر العلماء الحسينيين الذين تعرضوا للتنكيل والاضطهاد، وما اكثر المساجد التي هدمها اليزيديون، وما أوسع سياسات  الإفساد التي سعوا لفرضها على البلاد، ولكن كل ذلك لم يستطع النيل من المشروع الجوهري الذي احتضنه البحرانيون وأصروا على التشبث به وتفعيله. والاضطراب النفسي والمعنوي لدى الخليفيين واضح، فتارة يهدد وزير داخليتهم بالتنكيل بمن يخالف اوامره، وأخرى يهرع جلاوزته لإزالة أعلام الحسين وراياته من الشوارع العامة، ولكن في الوقت نفسه، يظهر رئيس عصابتهم ليتظاهر بالتعاطف مع الحسينيين والاعتراف بما يمارسونه طوال العام لتثبيت المشروع الحسيني في واقعهم. هذا الاضطراب إنما يعكس وضعا نفسيا مختلفا عن كافة اوضاع المنطقة، ويضع الخليفيين في وضع لا يُحسدون عليه وهم متذبذبون بين ولائهم للأمويين والتظاهر باحترام الشعائر الحسينية.  

لقد مر موسم عاشوراء هذا العام ليساهم في حالة الاستقطاب السياسي والأيديولوجي والديني في البحرين، وليظهر واقعين مختلفين في بلد صغير، أحدهما يجسد الحسين ومبادئه ومشروعه، والآخر يزداد وضوحا في انتمائه للأمويين ومشروعهم، وقد أصبح ذلك أكثر وضوحا بعد تحالف العصابة الخليفية الشرّيرة مع الصهاينة على أمل استخدامهم في الحرب على الحسين وأتباعه في هذا البلد الذي طهره الانتماء للإسلام المحمدي وحماه من شرور المشروع الأموي. ومن المؤكد ان حالة الاستقطاب هذه ستؤدي الى المزيد من توتر العلاقات بين البحرين وشعبها من جهة والعصابة الخليفية وحلفائها الأجانب من جهة أخرى. ولا يشك البحرانيون في حتمية انتصار الحق الذي يمثلونه على الباطل الذي يجسده اعداؤهم على  الطرف الآخر.  

اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب  العالمين 

حركة أحرار البحرين الإسلامية 

28 يوليو 2023

زر الذهاب إلى الأعلى