بيانات حركة أحرار البحرين

ثلاث قضايا تكشف مجتمعة فشل السياسات الخليفية

ثلاث قضايا شغلت الرأي العام البحراني خلال الاسبوع الماضي، تتقاطع مع بعضها في بعض الجوانب وتختلف في جوانب أخرى. وقد سعى الطاغية الخليفي وعصابته لتجييرها لصالحه برغم أنها في مجملها تكشف فشله وتؤكد بعده الكبير عن الوطن والشعب وهمومهما. في مقدمة هذه القضايا عودة العلاقات بين إيران والسعودية، ومؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي في البحرين وتفاعلات القضية البحرانية في الداخل وفي السجن وعلى مستوى المنظمات الدولية، خصوصا مع حلول الذكرى الثانية عشرة للاحتلال السعودي – الإماراتي للبلاد. ويمكن التطرق لكل منها كما يلي:  

أولا: لا شك ان عودة العلاقات بين القطبين الأساسيين في المنطقة يمثل تطورا مهما على صعيد العلاقات البينية ومن شأنه التاثير على ما يجري في المنطقة من اضطرابات محلية وإقليمية. ويكتسب هذا الحدث أهميته من امور عديدة: أولها انه لم يكن حدوثه متوقعا بالسرعة التي تم بها برغم ان العراق كان قد بدأ حلقات التفاوض والتقريب بين البلدين منذ اكثر من عامين. ثانيها: أنه يمثل انموذجا لما يمكن ان يؤدي اليه التدخل الخارجي من جانب الدول ذات المصالح المشتركة مع المنطقة ودولها. وبالامكان تكرره مستقبلا. ثالثا: أنه حدث معقد تتباين بشأنه الرؤى والتحليلات بشكل كبير، الأمر الذي يجعله خارج الأطر الطبيعية للعلاقات المألوفة بين الدول. رابعا: أن علاقته بمشروع التطبيع مع الاحتلال الاسرائيلي ليس واضحا، برغم ان البعض استعجل الوصول الى نتيجة مفادها انه سيمنع السعودية عن السير في مشروع التطبيع، وهذا امر غير مؤكد. خامسا: أن العلاقات مرتبطة كذلك بديناميكية الحراكات الشعبية في المنطقة العربية خصوصا على مستوى علاقات السعودية بما يحدث في البحرين والمنطقة الشرقية. سادسا: ان دوافع الطرفين للإقدام على ذلك ليست واضحة بقدر متساو لدى المحللين من خارج الأطر الرسمية لكلتي الدولتين. ومن الدوافع السعودية لفتح باب العلاقات مع ايران الأزمات الصامتة داخل الكيان الخليجي المعروف بمجلس التعاون لدول الخليج العربية. ولا يمكن فصل الاتفاق عن الصراع على النفوذ بين الامارات والسعودية من جهة، وبين السعودية وقطر من جهة ثانية وبين قطر والامارات ثالثة. وهي جميعا علاقات تتحرك على مرجل من نار وقد أصبحت تؤرّق البيت السعودي على نطاق واسع.  

في ظل هذه العوامل، كيف يمكن النظر لعلاقة الاتفاق بالسياسات الخليفية؟ لا بد ان طرفي الاتفاق ناقشا قضية البحرين، فلكل منهما مصلحة في حل الأزمة المستعصية والمستمرة منذ مائة عام. ومن  المؤكد انهما يختلفان على ذلك، فالسعودية كانت ملتزمة بمبدأ نايف الذي يدعو الشعب للعودة الى منازله فحسب، بينما ترى ايران ضرورة إنصاف الغالبية الساحقة من الشعب. وتعلم طهران ان الشعب البحراني لديه مطالب عادلة لا يستطيع النظام الخليفي تلبيتها وفي مقدمتها التحول الديمقراطي الذي ينهي الهيمنة الخليفية على الحياة السياسية. ولذلك ليست مستبعدا، في ظل تمسك الشعب البحراني بقضيته السياسية وإصراره على إطلاق سراح السجناء السياسيين بدون قيد أو شرط، ان يكون الوضع البحراني سببا لتوتر العلاقات بين الطرفين مجددا بعد حين. وقد هرع الخليفيون لفتح الحوار مع إيران، ويفترض ان يكون موقف طهران متشددا خصوصا في ظل الخيانة الخليفية للقضية المركزية الاول للعرب والمسلمين وتطبيعهم مع قوات الاحتلال الصهيونية. فالنضال الوطني البحراني ليس محصورا بملف السجناء السياسيين الذي يعتبر نتيجة للصراع من أجل التغيير السياسي. والمتوقع ان يرغم الطاغية الخليفي على شرب كأس السم مرة أخرى والإفراج عن السجناء السياسيين بدون قيد او شرط، والتخلي عن مشروعيه الفاشلين اللذين أطلق عليهما: الاحكام البديلة والسجون المفتوحة. الامر المؤكد بالنسة للشعب ان نضاله من اجل تحقيق تغيير سياسي جذري سيستمر ولن يتوقف يوما بعون الله تعالى.   

القضية الثانية تتمثل بالمؤتمر البرلماني الدولي الذي عقد في البحرين الاسبوع الماضي، وسعت العصابة الخليفية لترويجه كمؤشر لنجاح سياساتها وكذلك لشرعيتها. بينما نظر البحرانيون اليه انه قرار إداري بحث من جانب الاتحاد البرلماني الدولي نفسه، وانه لم يؤثر شعرة على الشرعية الخليفية المفقودة. وكان النشطاء قد عوّلوا على المؤتمر ليصبح مكلفا للخليفيين. وقد نجحوا في ذلك. فقد تداول على منصة الخطابات عدد من البرلمانيين الدوليين الذين أحرجوا الطاغية وعصابته في مجال حقوق الانسان حيث ركزوا بشكل واضح على الملف الحقوقي الاسود وطالبوا بوضوح بإطلاق سراح السجناء السياسيين، وكان للاستاذ عبد الهادي الخواجة نصيب الاسد من هذه الدعوات، فكأن الخليفيين استضافوا المؤتمر ليرفع شعارات المعارضة ضدهم. وساهم في ذلك ما ارتكبه الخليفيون من خطأ فاحش عندما سحبوا التأشيرات التي منحوها لمسؤولي منظمة هيومن رايتس ووج. فكان ذلك كافيا لكشف الوجه الحقيقي للنظام القمعي الفاشل. كان ذلك القرار كافيا لإقناع الكثير من الحاضرين بالطبيعة القمعية للحكم الخليفي، ومعاناة البحرانيين المستمرة منذ عقود. وهكذا تحول المؤتمر الذي أنفق الطاغية وعصابته أموال الشعب المنهوبة من أجل انعقاده إلى كارثة إعلامية وفي مجال العلاقات العامة ليكون ذلك مصداقا للآية الكريمة: “فسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة، ثم يغلبون”. 

اما القضية  الثالثة فهي استمرار القمع والاضطهاد للشعب البحراني من خلال الاعتقالات والمحاكمات الجائرة والاستهداف الديني والثقافي الممنهج، وكذلك الدور السعودي – الإماراتي بعد احتلال قوات هذا التحالف الشرّير أرض البحرين الطاهرة في مثل هذه الأيام قبل 12 عاما. فهل هناك استهداف أكبر من فرض سياسة تغيير ثقافي وتاريخي على بلد احتضن الإسلام بعد بضع سنوات فحسب من  البعثة النبوية؟ فما تزال الاعتقالات مستمرة، وتكفي الإشارة الى اعتقال العشرات في الاسابيع الأخيرة قبيل انعقاد اجتماع الاتحاد البرلماني الدولي، وكذلك قبل إقامة سباق السيارات “فورمولا 1”. ومن المؤكد ان استقدام الصهاينة إلى البلاد يمثل أكثر تحد ثقافي وأخلاقي وديني وسياسي للبلاد وشعبها، فهذه الأرض ومن عليها ينتمون للأمتين العربية والإسلامية ويحتضنون فلسطين وشعبها وقضيتها على رأس أولوياتهم. وعندما أقدم الطغاة الخليفيون على تطبيع علاقاتهم مع الكيان الغاصب هرع المواطنون للاحتجاج والتباعد عن القرار الجائر. الخليفيون يؤسسون سياساتهم الأمنية المستقبلية على قاعدة ثابتة: انهم لا يستطيعون التعايش مع البحرانيين الذين يشعرون بالظلامة دائما ويعتبرون أرضهم محتلة كما هي أرض فلسطين. وعليه فليس هناك أرضية مشتركة بين الجانبين لاستمرار علاقة مستقرة مؤسسة على الاعتراف والاحترام المتبادلين. لذلك فالمتوقع تصاعد التوتر الأمني والسياسي خصوصا أن علماء الدين البحرانيين قاطبة رفضوا التطبيع واعتبروه خيانة عظمى. هذا يتضمن اعتبار الخليفيين في خانة أعداء الأمة الذين احتلوا جزءا من أراضيها ويهددون معالم فلسطين الأثرية والمسجد الأقصى بشكل خاص. 

هذه القضايا الثلاث تمثل أزمة حققية لا يمكن تجاوزها إطلاقا، كما لا يمكن حلها أبدا لانها تمثل صراعا بين قطبين لا يلتقيان، بل يقفان على طرفي نقيض. أي ان الخلاف لم يعد محصورا بجوانب سياسية محدودة ومطالب وطنية مشروعة فحسب، بل تجاوز ذلك ليتصل بموضوع استراتيجي خطير: هل البحرين تقف مع فلسطين ام مع الصهاينة المحتلين؟ ولا شك ان الخطوة الخليفية بالتطبيع ساهمت في إحداث حالة  استقطاب سياسي وثقافي وفكري غير مسبوقة. والأمل ان تنتفض قطاعات الشعب التي بقيت بمنآى عن الصراع الداخلي حتى الآن، وان ترفع صوتها عاليا ضد التطبيع والقائمين به، لكي لا يتسع الخرق على الراقع وتخترق ثوابت الأمة ويتواصل الاعتداء على أرضنا وشعبنا من خلال العصابة الحاكمة المجرمة وحلفائها في تل أبيب.  

اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين 

حركة أحرار البحرين الإسلامية 

17 مارس 2023

زر الذهاب إلى الأعلى