بيانات حركة أحرار البحرين

عشية إقامة سباق فورمولا الدم، السنكيس يواصل استخدام سلاح الجوع ضد الخليفيين

تفاعلت أوساط دولية عديدة مع الدكتور عبد الجليل السنكيس بعد أكمال 600 يوم مضربا عن الطعام. وقد قرر اتخاذ خطوة الإضراب بعد ان صادر الخليفيون كتابه الأدبي الذي استغرق تأليفه أربع سنوات بذلك خلالها جهودا كبيرة في ظروف صعبة من الاعتقال التعسفي الذي تحول تدريجيا الى سجن انفرادي. وخلال هذه الفترة حرم السنكيس العلاج والدواء وتعرض لوعكات صحية عديدة. أما الإضراب فقد أضفى على القضية بعدا جديدا، خصوصا مع فقدان هذا المناضل البطل وزنا كبيرا، وأصبح في وضع صحي خطير. مع ذلك يصر الدكتور على الاستمرار في إضرابه الذي جذب الانظار الى قضية الشعب وأضاف أضرارا إضافية لسمعة الخليفيين الذين ارتكبوا أبشع الجرائم بحق الشعب والوطن. وهناك أبعاد عديدة لهذا الإضراب منها ما يلي:  

أولا: ان السنكيس لم يترك وسيلة سلمية للتصدي للخليفيين إلا استخدمها. بدأ ذلك بالتصدي لجدار المالكية قبل اكثر من 15 عاما، حيث كان في مقدمة الذين استهدفوا جدار العزل باعتباره أحد تجليات أيديولوجيتهم العنصرية. ثم استخدم الاحتجاجات للدفاع عن العاطلين عن العمل، وبعدها استخدم قلمه للكتابة في المواقع الالكترونية المتوفرة آنذاك وأهمها “ملتقى البحرين”. ثم أصبح مدوّنا قديرا لدعم قضايا الشعب والتصدي للاستبداد. ولذلك اعتقل في العام 2010 وقضى في السجن سبعة شهور قبل اندلاع ا لثورة. وما ان خرج من السجن حتى توجه الى الدوار ليساهم في أعادة بوصلة الحراك إليه بعد ان سعى البعض لحرفها عن مسار التغيير.  وبرغم إعاقته الجسدية فهو يملك روحا تأبى الاحتواء او التراجع، وتصر على الإباء والشموخ، ولا تسمح لصاحبها بالتراخي او التراجع او المساومة. فطوبى للسنكيس وما حققه للشعب بتضحياته الكبيرة.  

ثانيا: منذ ان اعتقل ضمن الدفعة الأولى من الرموز القيادية بعد أسبوع من الاحتلال السعودي – الإماراتي، بقي ثابتا على مواقفه، رافضا أية مساومة على المطالب الجوهرية للشعب. ولجأ أخيرا للإضراب عن الطعام، ليصبح الجوع سلاحه الأساس في الوقت الحاضر ضد العصابة الخليفية. والواضح ان الجوع سلاح الأبطال الذين يستنفذون الوسائل السلمية الأخرى لمواجهة الظلم، فلا يبقى أماهم إلا أمعاءهم التي يحرمونها من الطعام لتتحول الى أدوات نضالية تحاصر الظالمين وتحرمهم من أي تعاطف خارجي. السلاح يثبت نفسه مجددا، سلاحا ماضيا في مشروع التغيير في البحرين. ويوما بعد آخر يتعاظم التعاطف مع السنكيس، ويتجلى بوضوح دور الجوع كسلاح في معركة الحرية، وفشل الحكم الخليفي في منع حدوثه او احتواء آثاره. وليس مستبعدا لجوء العديد من رموز الشعب والوطن لهذا الاسلوب النضالي الذي سيقصم ظهورهم بعد حين. 

ثالثا: أن الدكتور السنكيس مفكر وأكاديمي وباحث وكاتب ومحلل وقيادي. وبالإضافة لذلك فقد مارس ا لتربية على نطاق واسع من خلال انتمائه الايديولوجي والتنظيمي في شبابه، وكان ناشطا في أيام دراسته بالولايات المتحدة الامريكية، وكان له دور في تربية جيل كامل خلال نضاله الاكاديمي. ويرى مهمته في الوقت الحاضر ان يكون مثالا للصمود والصبر والوعي بالاضافة للإيمان والثبات. والواضح انه اصبح مستهدفا بشكل خاص من قبل الطاغية وعصابته الذين ينتظرون موت الرموز القيادية الأسيرة في طوامير التعذيب الإجرامية. ولذلك بدأت صرخات العائلات تهز أركان العصابة الحاكمة وتتهمها بالتخطيط لقتل الرموز ببطء لكي تحرم الشعب من دورهم التوجيهي وبصيرتهم التي تكسر إرادة الجلادين في كافة الظروف، برغم الممارسات القمعية ضد هؤلاء الرموز الرازحين بطوامير التعذيب الخليفية الإ جرامية 

رابعا: أن اسم السنكيس، بعد دخوله في الإضراب عن الطعام، أصبح معروفا على صعيد العالم، ولذلك منح جوائز عديدة كناشط حقوقي وكأيقونة نضالية. فلا يمر أسبوع إلا ويصدر بيان او موقف، او يكتب مقال او بيان، او يتم إعداد تقرير توثيقي حول الوضع البحراني في ظل الإضراب عن الطعام. لقد أصبح مصدر إلهام لجيل من  المناضلين الذين يستعصون على الاحتواء او التمييع او التطويع. وبموازاة مخطط العدو الخليفي الهادف لقتل الرموز، ومن بينهم الدكتور السنكيس، ثمة مشروع ثابت لدى القيادات والرموز يهدف لتعميق المشاعر الشبعبية بقداسة النضال والثبات. وهنا يتحول الجوع الى اسلوب تربوي للآخرين في زمن التخمة والاستهلاك غير المحدود والارتخاء ومسايرة الحكم في محاولة تعميق ظاهرة الاستهلاك بديلا للعمل والثبات والقناعة، وهي بعض شروط النصر.  

 وخلال هذه الفتريسعى الطاغية  للتعتيم على تلك الجرائم بإلأنفاق الهائل على السباقات الدولية وأهمها سباق السيارات المعروف بـ فورمولا 1. ويكلف هذا السباق شعب البحرين 50 مليون دولار يدفعها الطاغية لمنظمي السباق لجذبهم للبحرين. هذه المرة كما في المرات السابقة أخطأ الطاغية الحساب، فالشعب لم ينس ضحاياه الذين استهدفهم الطاغية الخليفي وعصابته عندما اعترضوا على  السباقات السابقة. ما تزال صورة الشهيد الإعلامي صلاح عباس وهو يتعرض لأبشع أشكال التعذيب على سطح أحد المنازل ماثلة في الأذهان. أما ما حدث للناشطتين نفيسة العصفور ريحانة  الموسوي فكان جريمة متاكملة الأبعاد، حيث اعتقلت وتم التنكيل بهما بدون رحمة لأنهما طالبتا بوقف السباق الذي اصطلح البحرانيون على تسميته “فورمولا الدم”,وبعدهما جاء دور السيدة نجاح يوسف التي سجنت ثلاث سنوات بسبب اعتراضها على إقامة  السباق في البحرين في الوقت الذي يعاني المواطنون فيه من الاضطهاد والقمع والحرمان. وما أكثر الذين استهدفوا بالذخيرة الحية وسلاح الشوزن وهم يهتفون ضد السباق في الشوارع. لقد تعمقت الفجوة بين البحرانيين وهذا السباق الدموي الذي اصبح يعني الموت والسجن والتعذيب والتنكيل.  

فإذا كان لدى إدارة فورمولا 1 ذرة من الشرف فليوقفوا هذا السباق الذي أزهق أرواحا وأدى لانتهاك حقوق الإنسان على أوسع نطاق. ولا يمكن تبرير هذا التجاهل من قبل هذه الإدارة بالاستمرار في عقده سنويا إلا مؤشر لتواطؤ خبيث مع نظام حكم مارق استمرأ القتل والتعذيب، وراى في إقامة السباق شهادة دولية لحسن السلوك. إنها شهادة زور مزيّفة تقدمها إدارة فورمولا 1 مكتوبة بدماء الأبرياء والأحرار. كما أن إصرارها على إسكات الأصوات المطالبة بوقف هذا السباق جريمة إضافية ضد شعب البحرين المظلوم. الأمر المؤكد ان ارتباط هذا السباق بالموت والدم والسجن والتعذيب والاعتداء على  شرف النساء لن يمحى من ذاكرة الشعب، وسيواصل رفضه لإقامة السباق على أرضه، ويعتبر ذلك شراكة في الاحتلال الخليفي البغيض. وإذا كان الخليفيون يصرون على نهب أموال الشعب لتمويل هذا السباق لتلبية نزوات ولي العهد ورئيس الوزراء الخليفي، فإنهم لن يحصدزوا من ذلك سوى الخزي والعار والفضيحة. فما أن يعلن عن موعد السباق في البحرين حتى يشحذ الإعلاميون الدوليون سيوفهم ويتواصلوا مع ضحايا الحكم الخليفي لاستنطاقهم حول الجوانب السوداء لهذا السباق. لقد اتضح ان سباق فورمولا أصبح ساحة إضافية أخرى من ساحات النضال من أجل الحرية في البحرين. ولو كان في أوساط الحكم الخليفي رجل رشيد لاستنتج عدم جدوى عقد السباق لأن آثاره السلبية على سمعة ا لطاغية وعصابته تفوق ما يجنيه من فوائد دعائية. فقد أصبحت إقامة السباق تسمى “الغسيل الرياضي” لنظام قمعي، يهدف من إقامته لتبييض سمعة ملطخة بالدماء والقمع والفشل. وعندما تخرج الاحتجاجات والتظاهرات في شوارع البحرين احتجاجا على إقامة هذا السباق سيتضح عمق المشاعر البحرانية ضده، ومدى استعدادهم للتضحية من أجل وقفه منذ أكثر من عشرة أعوام. هذه الاحتجاجات واسعة المدى وستساهم في كشف ستر الطغاة الخليفيين في مقابل دعاية هامشية لا تحقق للحكم مصلحة تذكر.  

اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين 

حركة أحرار البحرين الإسلامية 

3 مارس 2023 

زر الذهاب إلى الأعلى