بيانات حركة أحرار البحرين

مشاركتك في الانتخابات الخليفية يجعلك ظهيرا للمجرمين

ربّ بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين  

هذا هو القسم الذي يفترض ان يتعهد به الإنسان لربه، كما فعل موسى عليه السلام. فالنعمة الإلهية التي أسبغها الله عليه تتطلب منه ان يشكر ربه ليس بترك الجريمة فحسب، بل بالتنكر للمجرمين، والتصدي لهم ما أمكن، وفي أضعف الحالات، تجنبهم والابتعاد عنهم. والمجرمون هنا عنوان آخر للظالمين، فالظلم من أشد الجرائم، ومن يقف مع الظالمين يمقته الله في الدنيا ويعاقبه في الآخرة. وقد جاء في الحديث الشريف عن رسول الله: «إذا كان يوم القيامة نادى مناد: أين أعوان الظلمة، ومن لاق لهم دواة، أو ربط كيساً، أو مدّ لهم مدّة قلم، فاحشروهم معهم».  

ومن ذلك ما كتبه الإمام زين العابدين – عليه السلام – إلى محمد بن مسلم الزهري بعد أن حذره عن إعانة الظلمة على ظلمهم: ” أوليس بدعائهم إياك حين دعوك جعلوك قطبا أداروا بك رحى مظالمهم، وجسرا يعبرون عليك إلى بلاياهم، وسلما إلى ضلالتهم، داعيا إلى غيهم، سالكا سبيلهم. يدخلون بك الشك على العلماء ويقتادون بك قلوب الجهال إليهم. فلم يبلغ أخص وزرائهم ولا أقوى أعوانهم إلا دون ما بلغت من إصلاح فسادهم واختلاف الخاصة والعامة إليهم، فما أقل ما أعطوك في قدر ما أخذوا منك، وما أيسر ما عمرو لك في جنب ما خربوا عليك”. 

 وليست القضية هنا الجدل حول إسقاط تلك الاحاديث على الواقع المعاش، بل تتجاوز ذلك، فكأن هذه الاحاديث جزء من هذا الواقع، ومفاهيمها وقيمها وأحكامها تتجاوز الزمان والمكان، فهي هديٌ من المعصومين للأتباع الصادقين.  

لقد حارب الإسلام الظلم بشتى أنواعه لانه آفة تنخر في الإنسانية، وطالما بقي منتشرا على نطاق واسع صعب إصلاح احوال البشر، وتعذرت حماية الإنسان من الظلم والقمع والاضطهاد، وتغير مذاق الحياة المؤسسة على هيمنة الظلم.  

وقد يتساءل البعض: من هم الظالمون؟ ما سماتهم؟ ما أفعالهم؟ كيف يمكن التأكد من ارتكابهم الظلم؟   

قد تكون هذه التساؤلات مشروعة عندما تطلق في بلدان يتمتع اهلها بشيء من الحرية وتحترم حقوقهم وتصان حرماتهم بالقانون الذي تحميه أجهزة الامن التي تعمل باستقلال عن المسؤولين السياسيين الكبار. ولكن ما ضرورة طرحها في بلدان طفح كيل الظلم فيها حتى لم يعد فيها شيء غيره؟ فهل هناك مواطن سويٌّ لا يرى الظلم او يعانيه في بلد كالبحرين؟ هل هناك عاقل لا يرى مصاديق الظلم امامه كل يوم؟ هل هناك اختلاف بين العقلاء من المواطنين حول طبيعة الحكم الجاثم على صدور البشر في انحاء هذه البلاد؟ فما العدل في حرمان الشعب من حقوقه الاساسية وفي مقدمتها حقه في كتابة دستوره وانتخاب حكومته والسيطرة على ثرواته وتوزيعها؟ ما وجه الحق في هيمنة عائلة احتلت البلاد بالقوة، بشكل مطلق على شعب يرفضها جملة وتفصيلا؟  

يستعد الطاغية وعصابته هذه الأيام لاستعراض “ديمقراطي” يسعى لتسويقه للعالم بكافة السبل. ومن أجل ذلك سعى لتوقيت زيارة البابا التي يشكك الكثيرون في أسبابها ودوافعها ونتائجها، لكي تتزامن مع ذروة ذلك المشروع القذر. ويؤسفنا ان يقبل البابا الذي يحترمه شعبنا كرمز للكنيسة المسيحية بأن يستغل اسمه في معركة جائرة يخوضها طاغية البحرين وعصابته مع الشعب البحراني المضطهد الذي لم تبق موبقة الا ارتكبت بحقه. شعبنا كريم بطبعه ومضياف بفطرته، ومتدين بطبيعته، ولذلك يرحب بكافة البشر خصوصا رموز الأديان السماوية، ويستضيفهم بدون تردد. وما اكثر العلماء وةالفقهاء الذين حلوا ضيوفا على الشعب. اما استغلال الدين ورموزه لدعم الاستبداد والظلم فيرفضه البحرانيون لانه يسيء لطبيعة الدين الإلهي ومنافٍ للطبيعة البشرية والفطرة الانسانية. لقد رحب البحرانيون بالشرفاء من الرجال الدينيين وغيرهم، ورفع الحاج أمين الحسيني على الاكتاف عندما حل ضيفا لديه في العام 1936، وكان حاضنا لآية الله الشيخ محمد أمين زين الدين، واستقبل الشيخ محمد طاهر الخاقاني. لكنه لم يتحمس لضيوف البلاط الخليفي لان هذا البلاط لوثه الطغاة بظلمهم ونهبهم وقتلهم وتعذيبهم. الخليفيون لا يحترمون الدين، لذلك هدموا المساجد بوحشية متناهية، ولم يترددوا في محور أثارها، كما فعلوا مع مسجد البربغي التاريخي. ومارسوا أبشع الظلم بحق أكبر مرجع ديني، واعتدوا على منزله وقتلوا ستة من اتباعه على أعتابه. ثم سحبوا جنسيته وأبعدوه ظلم وعدوانا. فانا لله وانا إليه راجعون  

في ضوء ما تقدم هناك حدثان متزامنان: انتخابات المجلس الخليفي الذي استخدمه الطاغية أداة لسن القوانين الجائرة ضد الشعب، وزيارة بابا الفاتيكان التي أراد الطاغية استخدامها للتشويش على غياب الدعم الديني لنظامه الإجرامي. وبودنا ان نطرح بضع نقاط هنا:  

الأولى: ان المشاركة في الانتخابات الخليفية تؤدي إلى شراكة في الجريمة. فعضوية مجلس الطاغية تُحوّل الفرد الى عبد مطيع للطاغية وعصابته، عليه ان ينفذ ما يطلب منه، ولا يحق له الحديث عن ظلامات الشعب، كنهب الثروات ومصادرة سيادة البلاد والسجن التعسفي والتعذيب وإعدام الأبرياء. فهل انتقد أي من أعضاء مجلس حمد السابقين جريمة قتل البحرانيين مثل عباس السميع وسامي مشيمع وعلي السنكيس وأحمد الملالي وعلي العرب؟ الساكت عن الحق شيطان أخرس.  

الثانية: ان الترشح او التصويت إقرار بالتطبيع وترويج له. فالانتخابات طريق لتعبئة المشاركين ضد الشعب الفلسطيني ومع الاحتلال. المجلس الخليفي ليس كمجلس الامة الكويتي الذي جرّم اعضاؤه المنتخبون التطبيع مع العدو. هذا يعني ان من يرشح نفسه ينتقل من خانة العروبة والإسلام الى عصابات التصهين والخيانة: “وإن يريدوا خيانتك فقد خانوا الله من قبل فأمكن منهم”  

الثالثة: أن المشاركة في الانتخابات الخليفية دعم معنوي للعصابة التي هدمت المساجد وقتلت ستة شباب على اعتاب منزل الشيخ عيسى قاسم، ثم سحبت جنسيته وأبعدته عن البلاد بينما فتحت الباب للصهاينة للتجول في البلاد بحرية كاملة. انه دعم معنوي كامل لسجن الرموز والعلماء الذين قضى الكثيرون منهم قرابة اثني عشر عاما وراء القضبان. وهو دعم لغلق المؤسسات الاسلامية كجمعية التوعية وجمعية الرسالة الاسلامية وحل المجلس العلمائي.   

الرابعة: ان الترشح والانتخاب مخالفة صريحة لتوجيهات العلماء وفي مقدمتهم سماحة الشيخ عيسى أحمد قاسم، فهو تمرد على القيادة الدينية من جهة والقيادات السياسية المتمثلة بالجمعيات والرموز من جهة أخرى. والفرد الذي يتمرد لا خير فيه ولن يؤثر انحيازه للظالمين والمستبدين والمطبّعين على الموقف الوطني كثيرا، وانما سوف “يكثّر السواد” في عيون االأحرار الصامدين المحتسبين، وسينتقم الله ممن يقوم بذلك.  

الخامس: ان المشاركة في المشروع السياسي الخليفي أحد مصاديق الولاء للظالمين الذين وقفوا مع محتلي أرض المعراج وهدموا المساجد وحاربوا الله ورسوله: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ ۙ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ”. 

هذه الحقائق تكشف حالة الاستقطاب الشديدة التي تبلورت في البحرين بين تيارين: شعبي وطني عروبي إسلامي، وخليفي قبلي خياني متصهين. إنه استقطاب ربما أراد الله ان يميز به الخبيث من الطيب ليقوّي الصف الإيماني الثابت على خط رسول الله وأهل بيته والأخيار من صحابته. ندعو الله ان يوفق شبابنا وشيوخنا ونساءنا للتمتع بالبصيرة والوعي وان يقفوا مع المظلومين وضد الظالمين، وسيحميهم الله من شرور الخليفيين وتهديداتهم: ان الله يدافع عن الذين آمنوا، ان الله لا يحب كل خوان كفور.  

اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين  

حركة أحرار البحرين الإسلامية  

21 اكتوبر 2022  

زر الذهاب إلى الأعلى