بيانات حركة أحرار البحرين

عيد الاستقلال المصادَر وضرورة استعادة مشاعر الاستقلال والحرية

وقفوا وقفتهم التاريخية، وقالوا كلمتهم بدون خوف او وجل، وأدلوا بشهادتهم للتاريخ، وكتبوا بدمائهم شعارات الثورة. وبعدها وعبروا الى الآخرة من على جسر الشهادة. فمن هم هؤلاء؟ أهل بدر؟ أصحاب الحسين؟ جيش المختار؟ شهداء الأمة عبر التاريخ؟ شهداء أوال؟ كل من أولئك كان شاهدا وشهيدا، لم يمت أبدا ولم يتوقف عطاؤه: ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا، بل أحياء عند ربهم يرزقون. لولا أولئك المضحون لما كان للحرية معنى، ولما استذوق الأحرار طعم الحرية، ولما مرّغت أنوف الطغاة في الوحل. الشهداء وحدهم صنّاع التغيير وبناة الإنسانية والحضارة. أولئك عاشوا أوتادا لكل ما هو خير وكرامة ووجود، وأعمدة للطهر والعفة، وعناوين للتضحية، فكل منهم كالشمعة التي تذوب لتبعث النور للآخرين, وهل هناك تضحية اكبر من تقديم النفس؟ ذلك هو الدرب للبقاء. الشهداء باقون، أحياء عند ربهم يرزقون. هل مات الحسين؟ او زهيور او برير او عابس؟ من قال ان جميل العلي مات عندما عذبه الخليفيون في مايو 1980؟ وهل غاب الهانيان عن الوجود؟ أليست أرواحهم ترفرف وتهتف في الجماهير للاحتجاج لتحرم الخليفيين من ا لاحتفاء بعيدهم ا لمشوم في كل ديسمبر؟ وماذا عن الاسكافي؟ لم يمت أبدا بل ان ذكراه تحرك الجماهير وتهز عرش الطواغيت. وماذا عن علي عبد الهادي مشيمع ومن لحق به على طريق الشهادة والحرية بعد 14 فبراير، اليوم الذي بدأت حياة مشيمع ومعها حياة الشعب وبداية الطريق الذي سيسقط عرض الطاغية وعصابته؟ لم يمت سامي مشيمع او عباس السميع او علي السنكيس او احمد الملالي او علي العرب؟ من هنا يعتبر عاشوراء موسم الاحتفاء بالشهادة والشهداء الذين أعادوا الحياة للمشروع المحمدي بعد ان حاول عبثا التحالف القبلي الشرير الانقلاب عليه وإخماده. ها هم طغاة آل خليفة يستقدمون قوات العالم من اجل حمايتهم، ولكنهم يرجفون من لافتة سوداء او علم أحمر او رادود كويتي او مشارك قطيفي. فيسعون لمنع الجميع معتقدين ان بامكان الضفادع كسر شوكة الأسود او تكميم أفواه الأبطال.

بعد انتهاء موسم العاشوراء هذا العام ، تضاعف حماس البحرانيين الأشاوس بعد ان هزموا الخليفيين في معركة عاشوراء السنوية، وبدأوا يستحضرون انتصارهم التاريخي على الخليفيين وداعميهم، وتحقيق الاستقلال الذي يرفض المحتلون الاعتراف به. لقد كان للزخم الجماهيري الذي تجسد في كل مواسم عاشوراء طوال القرن الماضي دور في تأطير حركة ا لنضال الوطني وتشكل وعي جماهيري هتف منذ العشرينات: يسقط يسقط الاستعمار. وكان لموسم عاشوراء العام 1953 دور مباشر في خلق الظروف التي ادت لتأسيس حركة الهيئة التي رفعت شعارات ومطالب عديدة من بينها إنهاء الاستعمار البريطاني وطرد المستشار تشارلز بلجريف. روح الحرية التي أشاعتها مواكب عزاء عاشوراء كان لها دور مباشر في إفشال المشروع الخليفي بتمزيق الشعب مذهبيا. فقد قاد دعيج آل خليفة مجموعة من العملاء وقاموا بالاعتداء على المعزين بمنطقة الفاضل في المنامة، على أمل ان يؤدي ذلك لخلق صراع طائفي يمنع الوحدة الوطنية المطالبة بالاستقلال ونيل الحقوق المشروعة وانهاء الاستبداد الخليفي. ولكن وعي البحرانيين الاصليين (شيعة وسنة) أفشل خطتهم فاذا بالاحرار ينتقلون من منطقة لأخرى لترويج مشروع وحدوي وطني معاكس لما أراده الخليفيون والبريطانيون. وبعد اجتماعات في السنابس والمنامة والمحرق تأسست ما سمي في البداية “الهيئة التنفيذية ا لعليا” التي تحولت لاحقا الى “هيئة الاتحاد الوطني”. وفي غضون عامين لم يجد البريطانيون مخرجا سوى بإنزال قواتهم في مطلع نوفمبر 1956 لضرب الحراك الوطني واعتقال قادة الهيئة ونشطائها من الشيعة والسنة. وبعد ستة شهور قاموا بإبعاد ثلاثة منهم (عبد الرحمن الباكر، عبد علي العليوات وعبد العزيز الشملان) الى جزيرة سانت هيلانة، معتقدين ان ذلك سينهي ثورة ا لشعب الى الأبد.

وفيما يستعد المواطنون للاحتفاء بعيد الاستقلال في 14 اغسطس يبذل الخليفيون وداعموهم في واشنطن ولندن وتل أبيب لكسر شوكة الشعب والتشويش على المناسبة ومحاولة إلهاء المواطنين بالاعتقالات والتشويش الاعلامي والدعايات الرخيصة. فهم يكرهون ذلك اليوم الذي يعبر عن قدرة الشعب على احداث التغيير برغم التعسف الخليفي المدعوم من قبل قوى اجنبية عديدة، امريكية وبريطانية واسرائيلية وسعودية واماراتية. تتطلع هذه القوى للسيطرة على العالم بكسر شوكة الشعوب واستغفالها وتضليلها، وحصر وجودها بالجوانب المادية فحسب. فالمواطن الخليجي ليس سوى مخلوق من اجل ملء البطن والانغماس في الجوانب المادية، ولا مكان للجوانب المعنوية او الروحية في حياته. فشعوب العالم الاخرى تستحق المشاركة السياسية وتذوق مناخ الحرية، اما الخليجي فلا يستحق شيئا من ذلك، وعليه ان “يشكر” حكامه لانهم “وهبوه” بعض المال الذي هو ملك له في الأساس، نهبوه منه بالقهر والغلبة ثم اعادوا نسبة ضئيلة منه كمنحة من الحاكم الطاغية الذي يعيش مستوى آخر من الحياة في القصور والطائرات الخاصة والجزر البحرية التي صادرها من الشعب. ويستخدم اموال الأمة لاستقدام القوات الا جنبية وأغلبها معاد للأمة وتطلعاتها، لتحمي عرضه وتقيه من غضب الشعب المقهور. هذه فلسفة الحكم الخليفي المؤسس على النهب والسلب والاضطهاد والاستبداد. وما المشاعر والمواقف المتناقضة والمتباينة التي برزت في الأيام الأخيرة إزاء موسم عاشوراء.

لقد ناضل البحرانيون الاصليون (شيعة وسنة) من اجل الاستقلال منذ اكثر من ما ئة عام، وحققوه بخروج البريطانيين في مثل هذه الايام من الع ام 1971، وقرروا ان يكون الرابع عشر من اغسطس عيد الاستقلال. ولكن الخليفيين رفضوا ذلك بشكل قاطع، وأصروا على إبقاء ذكرى صعود احد طغاتهم الى الحكم عيدا وطنيا، ا لامر الذي رفضه الشعب ودفع ثمن ذلك الرفض دماء غزيرة دافئة دفعها شبابه الأبطال. فقد خرجت الجماهير في كل عام محتجة ضد العدوان الخليفي المتواصل وكثيرا ما واجهها الخليفيون بالعنف والبطش، وفي العام 1994 استخدموا الرصاص الحي فقتلوا كلا من هاني الوسطي وهاني خميس بدم بارد. تلك الدماء اريقت ظلما وعدوانا، لانها رفضت عيد الجلوس الخليفي المقيت. وها هي الجماهير تستحضر عيدها الوطني هذه الأيام وتوجه صفعات متلاحقة للعدو الخليفي الذي ارتكب ابشع الجرائم بحق الوطن والشعب، وخان الله ورسوله والامة بتطبيعه مع محتلي فلسطين. ولم تذرف للخليفيين دمعة بسقوط العشرات من الفلسطينيين في الاسبوع الماضي بالرصاص الخليفي الغادر. فلأن الصهاينة يساهمون في حماية الخليفيين من غضب الشعب الداعم لأهل فلسطين والرافض للاحتلال، فقد تحول هؤلاء الطغاة الى اعداء ألداء للشعبين الفلسطيني والبحرانيين اللذين يناضلان لتحرير بلديهما من الاحتلال.

ان عيد الاستقلال مناسبة لتكريس الشعور الوطنبي بعدد من الأمور: اولها عمق الا نتماء للأرض والوطن والاستعداد الكامل لحمايته والدفاع عنه، ثانيها اعتباره منطلقا لمواصلة درب النضال من اجل الحرية والكرامة والحقوق المسلوبة وتعبئة الطاقات خلاله لتمتين اللحمة الوطنية وإفشال مشروع الاحتلال الخليفي المقيت، ثالثها: مد جسور ا لتواصل بين الفصائل الشعبية المناضلة وترويج مباديء الوحدة والحرية والمواطنة المتساوية، وتأسيس ذلك من خلال دستور يكتبه الشعب بأيدي ابنائه ولا يفرض عليه من قبل الخليفيين. رابعها: طرح فعاليات وأنشطة لتأكيد ما ذكر بالاضافة لاستذكار شهداء الوطن الذين ضحوا بأنفسهم من اجل الله والوطن والشعب. خامسها: إطلاق مبادرات بهذه المناسبة لتأكيد التلاحم مع شعب فلسطين والشعوب العربية الاخرى التي تناضل من اجل الاستقلال والحرية والكرامة، وتجاوز الخليفيين على مستوى الفعاليات والمشاعر والتوجهات. ونهيب بالمواطنين الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي لتعميق هذه المشاعر وتبادل التهاني بعيد الاستقلال. فقد حان الوقت لطي صفحة الاحتلال وإعلان الاستقلال وتعميق المشاعر الانسانية والإسلامية والوطنية.
اللهم ارحم شهداءنا الأبرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية

12 اغسطس 2022

زر الذهاب إلى الأعلى