بيانات حركة أحرار البحرين

ظلموا فحق عليهم غضب الله

حاول الغزاة الخليفيون محاصرة البحرانيين، فأصبحوا محاصرين بالكذبة التي ربما تكون الكذبة الكبرى منذ ان دنست اقدامهم ارض البحرين الطاهرة. ارادوا تجريم الابرياء فأصبحوا، في نظر المنظمات الحقوقية الدولية المستقلة، هم المجرمين. فقد فشلوا في اثبات وجود جريمة حقيقية ارتكبها الرهائن البحرانيون، وفق القانون الدولي، ولكن جرائمهم مثبتة، تؤكدها بما لا يدعم مجالا للشك، اجساد العشرات من ابناء اوال التي مزقتها مباضع المعذبين الذين يستلمون اوامرهم من قصر الحاكم نفسه.

 لقد فشلت مسرحيتهم تماما، وهذا الفشل لن يقلل من اجرامهم، بل سيزيد رغبتهم في المزيد من الانتقام. فاذا كان مشروعهم السياسي قد فشل جملة وتفصيلا بسبب معارضة السكان الاصليين له (سنة وشيعة)، فان مسرحيتهم الاخيرة فشلت في اللحظات الاولى بعد اعلانها. فلو كان هناك محاولة انقلابية حقيقية لاقتنع بها اصدقاء الاحتلال الخليفي قبل غيرهم. ولكن عندما يخرج الناطق باسم الخارجية الامريكية في 15 سبتمبر الماضي ليؤكد عدم وجود ادلة لدى الحكومة الامريكية على وجود خطة انقلابية، وعندما يفشلون في اقناع البريطانيين برغم صداقتهم التاريخية معهم، بوجود اي عمل مخالف للقانون من قبل اللاجئين البحرانيين، فما الذي يبقى بعد ذلك من تلك الكذبة الفاضحة؟ يجب ان يعترف المعذبون هذه المرة انهم فشلوا في الاطار العام للمسرحية، وفي تفصيلاتها. هذه المرة لم يوفقوا ابدا في اختيار مؤلفي تلك المسرحية، او مخرجيها، فجاءت الاتهامات جزافا، واضطروا لاستعمال علاقاتهم مع العائلات الحاكمة في دول الخليج الاخرى لانقاذهم من هذه الفضيحة التي تكفي لاسقاط اية حكومة منتخبة في بلد ديمقراطي. فعندما يساق اساتذة الجامعات والمتخصصون العلميون، والعلماء والعباد، ومعلمو الاجيال، اسرى بأيدي حفنة حاقدة، انسلخت من انسانيتها تماما، ويمارس بحقهم التعذيب الوحشي الذي مزق اشلاء اغلبهم، فأية انسانية  التي تستوعب وجود هذه الحفنة  المعادية للقيم الانسانية؟

هذه المرة جاءهم العذاب من حيث لم يحتسبوا، فلسبب او آخر، ارغم الخليفيون على الافراط في نفي وجود اي دور ايراني في ما يسموه “خطة الانقلاب”. فلم تمر سوى بضعة ايام  على أسر البحرانيين من قبل الغزاة الخليفيين، حتى أرغم جهاز امنهم على اصدار بيان كان بداية انتهاء المسرحية، يؤكد عدم ارتباط الاسرى بايران. ثم جاء ذلك على لسان نائب رئيس الوزراء في لقائه بالسفير الايراني الذي انتهت مهمته في البحرين. وأخيرا جاء التأكيد النهائي على لسان وزير خارجية نظام الاحتلال الخليفي في مقابلة مع الصحافية، راغدة ضرغام، في 29 سبتمبر. فقد اكد بما لا يترك مجالا للشك، عدم وجود اي دور ايراني. بل ان المسؤول الخليفي بدا مهووسا بالسعي لنفي اي دور لايران، وكرر ذلك مرارا خلال المقابلة التي يمكن تسميتها “مقابلة النفي القاطع لاي دور ايراني“. بدا هذا الوزير وكأن على رأسه طيرا ايرانيا يراقب كل كلمة يطلقها، ويشترط عليه ان يكرر نفي الدور الايراني مرات ومرات، كما يفعل المصلي عندما يستغفر الله عشرات المرات. فما الذي يجري في السر بين طهران والمنامة؟ ما هذا الهلع الذي اكتنف الخليفيين؟ المشكلة لم تنته بنفي الدور الايراني، بل بدأت. فكيف يستطيع نيف وعشرون شخصا يعملون علنا ومعروفون بنشاطهم، والكثير منهم تعرض للاعتقال عدة مرات، التخطيط لانقلاب؟ ما الادوات التي استخدموها؟ اين تدربوا؟ او اين دربوا كوادرهم؟ ما انواع الاسلحة التي تم اكتشافها؟ ما عدد المعسكرات التي تدربوا فيها؟ وما مواقعها؟ ان أحدا من الخليفيين لن يستطيع الرد على واحد من هذه التساؤلات، وتكفي قراءة المقابلة المذكورة مع وزير خارجية الاحتلال الخليفي لاكتشاف حالة الارتباك والتناقض داخل نفسه، فقد كان كلامه تافها الى الدرجة التي ادت لاشمئزاز الصحافية التي اجرت المقابلة، وقد انعكس ذلك على تكرارها طرح السؤال الواحد بصيغ مختلفة، والسبب ببساطة ان اجابة الوزير الخليفي ضعيف وهش ومحرج لانه خاو من اي فحوى.

على ان سقوط المسرحية، جملة وتفصيلا، ليس نهاية ازمة نظام الاحتلال الخليفي. فماذا سيفعل بالرهائن؟ هل سيحاكمهم؟ خصوصا مع وجود رغبة من جهات قضائية وحقوقية دولية عديدة لحضور المحاكمات؟ هل سيسمح للرهائن بالحديث الحر ام سيكتفي بقراءة لوائح الاتهام واصدار احكام معدة سلفا وصادرة عن قصر الطاغية بشكل مباشر؟ أيا كان الامر فسيكون ذلك كله تكلفة باهضة ليس للنظام ككيان، بل لافراده، كل على حدة، خصوصا مع تواتر الادلة على ارتكابهم جرائم ضد الانسانية. وفي ظل تصاعد الاهتمام الدولي بما اصبح يسمى “الابادة الصامتة” التي يمارسها الحاكم نفسه، ويصدر قراراته لتنفيذ هذه الابادة بشكل متواصل، سوف تتحول المحاكمات المزمعة الى “سيرك” حافل بالمفاجآت. فسوف تكون افادات الضحايا ادلة دامغة ضد العناصر الخليفية ابتداء برأس النظام، مرورا برئيس جهاز الامن الوطني المتهم بارتكاب افظع جرائم التعذيب الموثقة، وصولا الى عناصر التعذيب الذين لن يستطيعوا دفع التهم بادعاء انهم “ينفذون اوامر عليا“. وقد بدأ المهتمون بمحاكمة مرتكبي جرائم التعذيب والابادة في البحرين باعادة قراءة وقائع محاكمات “نورومبرغ” ولوائح عمل المحكمة الجنائية الدولية، وبدأوا اتصالاتهم بشكل هاديء ولكنه حثيث. الهدف النهائي واضح: اصدار مذكرات اعتقال دولية بحق رأس النظام بتهمة الابادة، وبحق عدد من اعوانه، خصوصا الرؤساء الثلاثة لجهاز الامن الوطني الذي تحول الى مقصلة للرهائن البحرانيين الذين اختطفوا خلال السنوات العشر الماضية وعذبوا. وما اكثر الافادات التي جمعت كأدلة لادانة هؤلاء بتهم ارتكاب جرائم ضد الانسانية. هذه المرة اصبحت الجهات الدولية المعنية بهذه الجرائم اكثر إصرارا على الاستهداف القضائي لاولئك المجرمين. وقد أكدت الزيارات المقتضبة التي قامت بها بعض العائلات للسجناء في الايام القليلة الماضية ان ما مارسه الخليفيون هذه المرة من تعذيب بحق الرهائن البحرانيين على يدي خليفة بن عبد الله آل خليفة، رئيس جهاز الامن الوطني يفوق الجرائم التي ارتكبها الثلاثي البغيض: خليفة – هندرسون – فليفل. ولم يغب عن اذهان الجهات الدولية المهتمة بمطاردة مرتكبي جرائم الابادة والتعذيب ما فعله السفير الخليفي الحالي في لندن، الذي كان رئيسا لجهاز الامن قبل تعيينه في منصبه الحالي.

لقد اوصل الخليفيون العلاقات بينهم وبين شعب البحرين الى نقطة اللارجعة، وعليهم ان يتحملوا تبعات ذلك القرار الاهوج. انه القرار الذي دفعهم لاستهداف كل ما هو انساني ومقدس لدى اهل البحرين: بدءا باعلان الحرب ضد الابرياء باعتقالهم وتعذيبهم بدون رحمة او شفقة، والاستقواء بالحكومات والمنظمات والافراد الاجانب، خصوصا ذوي النزعات الطائفية والانتهازية. فباستهداف الرموز الدينية والعلمية وانتهاك حرمة المساجد والمصلين، ومساومة المواطنين على حقوقهم الانسانية الاساسية مثل العناية الصحية والتعليم والاسكان، بمنعهم من كل ذلك اذا عارضوا الاستبداد والديكتاتورية، لم يبق الخليفيون حتى على الشعرة الرفيعة مع اهل البلاد الاصليين (شيعة وسنة)، وبدلا من التطبيع معهم، اصبحوا يشترون ضمائر البعض لاستغلالهم ضد الاغلبية الساحقة من المواطنين. الطغاة يعتقدون ان هؤلاء “الخاصة” سوف يحمونهم من سخط العامة، ويحفظون لهم عروشهم الواهية. ولكنهم لو قرأوا التاريخ الماضي والمعاصر بتمعن لأدركوا ان الظلم لا يدوم، وان الاستبداد لا بد ان ينتهي وان الله قد وعد المستضعفين والمظلومين بانهم سيرثون الارض وينهون حكم الظلم. ان الامعان في التنكيل والعدوان تعبير عن اليأس وليس عن النصر. فالقوي لا يظلم، وكما يقول الامام علي عليه السلام: “انما يعجل من يخاف الفوت، ويحتاج الى الظلم الضعيف”. اما القوي فلديه ثقة بنفسه وبربه وبشعبه، ويشعر ان قوته انما تأتي من دعم ذلك الشعب له. آل خليفة يؤمنون بعكس ذلك، وان قوتهم لا تتحقق الا اذا ضعف الشعب، وانهم واهل البحرين الاصليين (شيعة وسنة) لا يمكن ان يتواجدوا على هذه الارض وان عليهم استبدالهم بغيرهم ممن يقول “سمعا وطاعة” لولي نعمته، ولو كان ذلك على حساب انسانيته او دينه. على الباغي تدور الدوائر، وبعد ان انتهت المسرحية الخليفية الى فشل ذريع، بدأت عقاب الساعة دور لغير صالحهم، واصبح الشعب يترقب موعد القصاص القانوني العادل من مرتكبي جرائم الابادة والتعذيب. انهم معروفون ليس بصفاتهم واعماله فحسب، بل باشخاصهم واسمائهم وعناوينهم، ولن يفلتوا هذه المرة، بعون الله تعالى، من طائلة القانون، ولن يفيدهم مجلس التعاون الذي لجأوا اليه معتقدين ان ذلك سيمنع سريان القانون الالهي الذي لا يقر الظلم، ولا يسمح له بالبقاء، والذي يقول ان يوم المظلوم على الظالم أشد من يوم الظالم على  المظلوم، وان الله يمهمل ولا يهمل. هذا القانون يطمئن المظلومين بان الله يتابع الظالمين ويترصدهم: “ولا تحسبن الله غافلا عما يعمل الظالمون، انما يؤخرهم ليوم تشخص فيه الابصار”. ان التمييز ظلم، والاعتقال التعسفي ظلم، والتعذيب ظلم، والاعتداء على الحرمات ظلم، واستهداف المساجد بالعدوان وضرب المصلين داخل باحات المسجد ظلم، ومنع مساجد الله ان يذكر فيها اسمه والسعي لخرابها ظلم، وان نهب اموال الناس بالباطل ظلم، وان الاستبداد والطغيان والديكتاتورية ظلم. ولذلك حقت كلمة العذاب على الخليفيين لانهم أمعنوا في التنكيل وأفحشوا في الظلم.

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية
1
أكتوبر 2010

زر الذهاب إلى الأعلى