بيانات حركة أحرار البحرين

نتضامن مع ضحايا العنصرية وندعو لاسقاط رموزها من أوال

يمكن القول ان تحرر المناضل نبيل رجب من طوامير التعذيب الخليفية سيكون اولى بشائر تحرر البحرين واهلها من الاحتلال الخليفي الغاشم. فقد ارغم الطغاة على اخراجه من تلك الطوامير بعد ان صدور الاوامر لهم بذلك من القوى التي اعادتهم الى الحكم بعد سقوطهم في العام 2011. فعلى مدى السنوات الاربع التي قضاها رجب وراء القضبان لم يذكر نظامهم الا وربط بالقمع والاضطهاد. وكان اصرارهم على إبقاء نبيل في السجن مصدر ازعاج دائم لهم خصوصا في الاوساط الحقوقية الدولية التي لها شيء من التأثير على المواقف السياسية لبعض الدول. هذه المرة تفتقت عبقريتهم عن التطرق لما اسموه “العقوبات البديلة” واعتقدوا انهم سجلوا هدفا قويا ضد الشعب، ولكن صمود الكثيرين أفشل ذلك، وأفهم المواطنين ان العقوبات البديلة يعني توسيع مفهوم السجن ليشمل الوطن كله. فبالاضافة لبناء سجون اضافية في الجانب الشرقي من سجن جو، يسعى الخليفيون لتحويل البحرين كلها الى سجن اكبر بشكل كامل وليس جزئيا كما هي عليه الآن. ومشروع العقوبات البديلة يعني تحييد عائلات السجناء وليس السجين وحده. فلن يستطيع احد من افراد تلك العائلة  الادلاء باي تصريح او الانخراط في مشاريع الثورة والمعارضة خشية انعكاس ذلك على السجين الذي يعيش بينهم ضمن “العقوبات البديلة”. هذه حقيقة يجب ان يتم استيعابها، لقطع الطريق على الحكم الجائر الذي لا يستحق البقاء لانه ليس قائما بذاته بل بقوة غيره ودعم الاجانب له في مقابل التخلي عن السيادة. انها معاناة تطالنا جميعا، ولكن العقل يقتضي تعميق الوعي والتمسك بثوابت الثورة ومستلزمات الحرية والعيش الكريم، وإفشال خطط النظام الظالم الذي لا يدعمه الا عشاق الاستعباد.

ليس جديدا ممارسات الانظمة العنصرية والديكتاتورية مع معارضيها، واصرارها على مصادرة حرية التعبير بشكل مطلق. لذلك من اول شروط “العقوبات البديلة” ان يلتزم السجين بالصمت الكامل ليس خلال الفترة الباقية من حكمه فحسب، بل حتى بعد ذلك. يقول نيلسون مانديلا ان النظام العنصري بعث له مرات عديدة من يعرض عليه اطلاق سراحه في مقابل صمته وابتعاده عن السياسة فقال كلمته الشهيرة: “انني اثمن حريتي كثيرا، ولكني احرص اكثر على حريتكم. لقد مات الكثيرون منذ ان دخلت السجن. وعانى الكثيرون لعشقهم الحرية”. وقد اظهرت التجارب فشل مساعي الطغاة الخليفيين دائما، ولولا ذلك الفشل لما حدثت ثورة 14 فبراير. فقد طبقوا تلك الاساليب خلال انتفاضة التسعينات المباركة. ومن اوضحها ما فعلوه مع المرحوم الشيخ عبد الامير الجمري، عندما اقتادوه اسيرا امام الطاغية ثم اخرجوه ووضعوه تحت الاقامة الجبرية. لم يكن احد يستطيع زيارته في منزله، بل ان اولاده الذين يعيشون خارج المنزل لم يسمح لهم بذلك. ومنعوه من التحدث مع الآخرين. فماذا كانت النتيجة صمد المرحوم الشيخ الجمري وقال كلمة للشعب كانت بمثابة إلغاء مشروع حمد بن عيسى الذي فرضه على الشعب بالقوة في 14 فبراير 2002 عندما الغى الدستور الشرعي وفرض الدستور الخليفي على البلاد: ان هذا ليس هو الدستور الذي ناضلنا من اجله. تلك الكلمة أسست لحركة نضالية متواصلة أفشلت “المشروع الاصلاحي لسمو الامير” وفي غضون تسعة اعوام فحسب أدت لانطلاق اكبر ثورة في تاريخ البلاد ما تزال مستمرة باشكال مختلفة حتى اليوم. الشيخ الجمري تجاوز آثار الاقامة الجمرية ووقف موقفا مسؤولا ادى لتحطم الوجود الخليفي اخلاقيا وسياسيا. فلم يعد طاغية البحرين اليوم اكثر من جسد له خوار، كعجل بني اسرائيل: فاليوم ننجيك ببدنك لتكون لمن خلفك آية. من يحترم الحكم الخليفي اليوم في داخل البحرين او خارجها؟ هل هناك من لم يهتف باسم نبيل رجب طوال السنوات الخمس الماضية؟ هل هناك من لم يعتبر ان اعتقاله تعسف وظلم وانه يفضح طبيعة الحكم الخليفي؟

الخليفيون يظنون ان السلطة تكفي لحمايتهم وان تحكمهم في مفاصل الدولة يوفر لهم من ادوات القمع واضطهاد الاغلبية الساحقة من الشعب ما يجعلها طيّعة وذليلة، وان اليد الطولى ستبقى لهذا الطاغية الذي أمر مرارا بقتل البحرانيين، ولم يواجه تبعات حقيقية لجرائمه. هذا الاعتقاد هو الذي يقود الطغاة الى حتفهم عادة. وما يحدث اليوم في عواصم الغرب يؤكد ان من يستعبد الآخرين ويتجبر ويضطهد تلاحقه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين، وتطارده لعنة التاريخ الى الابد. فها هي التماثيل التي حاولت العقول الاستعمارية ترويجها والتغني بأمجادها ونصبتها في الساحات العامة لتتغنى بامجادها في قمع الشعوب واستعمار البلدان وممارسة العنصرية بابشع صورها واستعباد البشر، تسقط الواحد تلو الآخر، ذليلة مهانة لانها ارتكبت جرائم بحق الانسانية. ولم تشفع لهؤلاء المجرمين محاولات التعتيم على جرائمهم من قبل الانظمة اللاحقة التي ما تزال تستمد قوتها من تاريخ امبراطوريتها الاستعمارية. وما اوضح المفارقة بين حاكم يمارس السياسة بانسانية مع شعبه ومع العالم، وآخر يتعاطى مع الآخرين باستعلاء وغرور. ما الفرق بين حمد بن عيسى الذي يضطهد البحرانيين ويطردهم من ارضهم ويسقط جنسياتهم ويسجن شبابهم ويعذب نشطاءهم ويعتدي على نسائهم ويهدم مقدساتهم، ورموز العنصري الذين بدأ الوعي يمحوهم من ذاكرة الزمن؟ ما الفرق بين طاغية يفضل الزمرة التي ينتمي اليها على كافة البشر في البلد التي ترزح تحت حكمه؟ أليس من مصاديق العنصرية ان يكون هناك تمييز واضح بين الخليفي وغيره؟ ما الذي يعطي الخليفي الحق في لقب “الشيخ” دون غيره؟ لماذا الخيفي “شيخ” بينما يعتبر البحراني الاصلي (شيعيا كان ام سنيا) احد الرعايا فحسب؟ لماذا يقدم يسمى الطفل الخليفي “شيخ” برغم جهله بينما يسمى البحراني ذو العلم والمنزلة عندما يعتقل “المدعو” ومنهم “المدعو عبد الامير الجمري، والمدعو علي بن احمد الجدحفصي”. لماذا يحدد لكل خليفي راتب شهري ومنزل او قطعة ارض بينما على البحراني ان ينتظر اكثر من 15 عاما لكي يحصل على سقف يؤويه؟ أذا لم تكن هذه عنصرية فما هي العنصرية؟

ثورة الشعب الحالية تمتد باصولها الى اللحظة التي استيقظ فيها البحرانيون على واقعهم قبل مائة عام. ففي 1922 انتفض البحرانيون في سوق المنامة لانقاذ بحراني آخر اراد الهروب من احد الخليفيين الذين كان يستعبده ويسخره بدون مقابل. تذكر الوثائق البريطانية ان البحراني كان عليه ان يمشي بجانب الخليفي الراكب على صهوة حصان او حمار من المنامة الى الرفاع، حاملا المظلة فوق رأس الخليفي لحمايته من الشمس. هل هناك عبودية أسوأ من هذه؟ كتاب “البحرين في الوثائق البريطانية” يحتوي بعض الوثائق المترجمة في هذا المجال. لذلك ففي ضوء تعمق الوعي العالمي بالعبودية وخطرها على الانسانية وسعي الجيل الجديد لاسقاط القادة والزعماء العنصريين من ذاكرة الزمن، يقتضي الامر توجيه الانظار لمن لا يزال يمارس هذه العنصرية والاستعباد في البحرين. حان الوقت للبحراني الاصلي (شيعيا كان ام سنيا) ان ينهض ضد العنصرية الخليفية ويرمي بها في مزبلة التاريخ كما حدث لتماثيل رموز العنصرية الغربيين مثل ادوارد كولستون وميدلتون وجون هوكنز وروبرت كلايف وتوماس جاي وسواهم. بهذه الثقافة تحول دم المواطن الامريكي الاسود، جورج فلويد الى وقود فاعل لتطهير الارض من وباء العنصرية والاستعباد. اننا نعتقد ان دماء كريم فخراوي وعلي صقر وزكريا العشيري وعبد الرسول الحجيري وضحايا الاعدام وبقية شهداء البحرين، كفيلة باسقاط النظام الخليفي العنصري الذي يعتبر واحدا من ابشع اشكال الحكم العنصري في العالم. هذه ليست دعاية بل حقيقة تؤكدها الحقائق المذكورة، ندعو الله ان يحرر بلدنا واهلنا من العبودية  الخليفية ويوفر فرصة عاجلة لسقوطها في مزبلة التاريخ مع رموز العنصرية التي سبقتهم الى تلك المزبلة، والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون.

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية

12 يونيو 2020

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى