بيانات حركة أحرار البحرين

إفلاس الخليفيين يتجسد مجددا، والشعب يواصل حضوره

إفلاس الحكم الخليفي لا ينحصر بنفاذ المال الذي يختلسه من الوطن والشعب، بل يشمل شعوره بالخواء الداخلي وغياب الشرعية، وسعيه المتواصل لنيل شيء منها عبر الاكراه والاجبار. ويعتقد حين يجبر بعض المواطنين على زيارته في قصوره انه قد حقق لنفسه شيئا من الشرعية، ولكنه في داخله يعلم ان الشرعية لا تتحقق بارتياد القصور من المغلوبين على امرهم او المنتفعين او الانتهازيين. فعندما يخرج الشباب يوميا في احتجاجاتهم وهم يدوسون صور الطاغية باقدامهم في الشوارع العامة، فان ذلك المشهد لا تلغيه زيارة مدفوعة الثمن او مصطنعة تحت الضغط والاكراه او التهديد. فلو ترك الامر على طبيعته لما زار قصر الطغاة واحد من ذوي الضمائر الحية والاحرار. فلا يمكن ان يذهب اهل الدراز لتقديم الشكر لديكتاتور سفاح ازهق ارواح الشباب على عتبات منزل عالمهم الكبير بدم بارد وحقد دفين. مواطنو الدراز، كما هم بقية البحرانيين الاصليين (شيعة وسنة)، شرفاء وكرماء واحرار وذوو شهامة ومروءة. هذه السمات كانت من بين العوامل التي دفعت الشباب للصمود بوجه العدوان الخليفي الغادر الذي نفذه مرتزقتهم قبل خمسة عشر شهرا والذي ادى لاستشهاد كوكبة من خيرة المؤمنين البررة، واعتقال اكثر من 200 من الابرياء الذين ابوا ان يتركوا قائدهم في منزله، فقدموا ارواحهم فداء له. وشتان ما بين هؤلاء واولئك الذين لم خذلوا عالمهم وهرعوا لتقديم الشكر لأسوأ طاغية سفاح عرفته البحرين في تاريخها. هنا يشمخ الاحرار بهاماتهم ويستصغرون الديكتاتور وعصابته، وهناك يزحف “الوجهاء” خنوعا وصغارا واستسلاما، ويخسرون دنياهم وآخرتهم.

الإفلاس الخليفي هو الذي دفع رموز العصابة الخليفية في لندن لارتكاب جريمة محاولة اغتيال الشاب المؤمن، علي مشيمع، بالقاء مادة غير معروفة عليه بينما كان نائما. تخفى المجرمون وراء عتمة الليل وخلو المكان من البشر، فهرعوا لارتكاب جريمتهم في الظلام، ولكن عين الله التي لا تنام كانت تحرس الشاب المجاهد فحمته المظلة من موت محتمل. المؤمن الذي ينام في الفراش مطمئنا بايمانه لا يصيبه شيء لان الله يحميه. الجريمة الخليفية تعيد الى الذاكرة ما فعلته قريش عندما خططت لاغتيال الدعوة الاسلامية بقتل حاملها، خير البرية رسول الله محمد بن عبد الله عليه افضل الصلاة والسلام. ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين. اقتضت الخطة الالهية ان ينام علي بن ابي طالب عليه السلام على فراش محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ويحميه بنفسه. ففشلت الخطة ونجى الله النبي فبلغ الرسالة وادى الامانة وسقط النفاق والخداع والفساد. هذا النموذج التاريخي يؤكد حقيقة قرآنية ثابتة: وما كيد فرعون الا في تباب. لقد كسر الله فرعون وافشل مشروعه بعد ان قال: ذروني أقتل موسى وليدع ربه، اني اخاف ان يفرط في دينكم او ان يظهر في الارض الفساد. الطغاة لديهم مشروعهم ويسعون لخداع الناس بالاقاويل والشائعات والاعلام الذي يزيف الحقائق. هذا ما يسعى الخليفيون لعمله دائما. فاستدعاء وفد العار للقصر الفرعوني انما هدفه التقليل من شأن سماحة الشيخ عيسى احمد قاسم والشهداء البررة الذين بذلوا نفوسهم دونه. يسعى الطاغية الخليفي لاقناع الرأي العام بان الثوار الذين ملأوا الساحات على مدى سبعة اعوام لا يمثلون شيئا، كما قال فرعون: ان هؤلاء لشرذمة قليلون وانهم لنا لغائظون، وانا لجميعا حاذرون. ولكن الارادة الالهية اقوى دائما من ادعاءات الطغاة والمجرمين، فامرهم الى فشل وسقوط: وما كيد فرعون الا في ضلال.

كان الاحتفاء هذا العام بيوم الاستقلال متميزا. فقد شهده الاحرار في شوارع البلاد حاملين رايات الحرية والكرامة والعزة، وهاتفين بحياة الرموز القادة، وداعين الله سبحانه ان يمحق الديكتاتور وعصابته ويسقط لواء الضلال والزيف والنفاق والشرك. وبعد ان اصبح المكان الذي يعتصم فيه علي مشيمع مزارا للاحرار وقبلة للثوار، تحولت تلك الساحة الى مكان عبادة وثورة ووعي وانسانية. فالابيض والاسود، العربي والاعجمي، المسلم وغيره يقصدون ذلك المكان غير المعروف، ليقضوا ساعات مع هذا  الشاب الذي هجر الاهل والبيت والدنيا وعاش منقطعا الى الله، خاوي الحشا، صادق الوعد، ليحرك المياه الراكدة ويعيد الحيوية لثورة الشعب المجيدة، ودعم الشرفاء الصامدين ليجددوا عهدهم مع الله والوطن والشعب وينهضوا لافشال المشروع التضليلي الخليفي الذي لا يمكن ان ينتصر على الحق والصواب ومنطق الايمان والحرية والعدل. عيد الاستقلال اصبح له صدى واسع في نفوس النشطاء والمحللين السياسيين والنشطاء البريطانيين وسواهم. فليس مقبولا من احد ان يسعى لكسر شوكة الشعب الثائر او يتعايش مع الاستبداد المطلق، او يصافح السفاحين والجلادين والخونة والمأجورين. ثقافتان متضادتان: ثقافة التغيير والحضور الميداني المتواصل، وثقافة القبول بالحد الادنى من الحياة الكريمة وعدم تحمل المصاعب التي لا  تطاق. مشروعان متضادان، احدهما يؤدي باتباعه الى النصر وتكسر شوكة الجلادين، والآخر يزين في نفوس البعض الاستسلام والخنوع والطاعة العملاء لـ “ولي الامر” لان بيده السلاح والعتاد.

الافلاس السياسي الخليفي لم يكن اوضح يوما مما هو عليه الآن. فبالاضافة للافلاس المالي الذي ادى لتراجع سعر الدينار البحراني نتيجة تبديد الثروة الوطنية من قبل المحتل الخليفي، اصبح الافلاس السياسي والاخلاقي والقيمي اخطر على الوطن والشعب. فالجريمة هنا ليس لها حدود، تبدأ بالاضطهاد الديني والانساني، وتتواصل بتفعيل سياسة الانتقام الشخصي والقبلي بديلا عن اقامة حكم القانون، وتصل الى التعذيب والاغتصاب وهتك الحرمات ونهب الاموال. لقد اصبح الملف الخليفي في البحرين سجلا من الجريمة المنظمة التي لا تسعى لاقامة دولة حديثة بل تستبدلها بحكم العصابات الاجرامية التي تتأسس على الجريمة المنظمة والتفنن في الانتقام والاعتداء على الانسانية والاستعانة بالمرتزقة الاجانب لاستخدامهم ضد الشعب. انه نموذج متميز ليس له نظير في عالم القرن الحادي والعشرين. هذه الحقيقة ستدفع للمزيد من الحراك السياسي والميداني لاعادة التوازن ليس الى البحرين وشعبها فحسب بل للمنطقة التي يهددها وجود بهؤلاء بالتحول الى ساحة مضطربة لا تهدأ، مكتظة بالمشاكل والاجرام، محكومة بالدجل والنفاق. وحدهم ابطال الميادين قادرون على وقف ذلك السقوط والانحدار الى هاوية الجريمة والاضطهاد. اولئك الاحرار يتواجدون كل يوم في الميادين والساحات العامة برغم الانتقام الخليفي من كل من يعارض الطاغية او يعترض على سياساته. علي مشيمع جذب باضرابه الشجاع الانظار للحالة البحرانية، فاصبح هناك شيء من الاهتمام بها على مستوى القيادات السياسية، ولكن الاهم انها اعادت الثقة للجيل الشبابي الناهض الذي تذوق بميدان اللؤلؤة طعم الحرية شهرا كاملا، وتعلم في الميادين والساحات معاني النضال والصمود والثبات والاصرار. ذلك الحضور الميداني ساهم في الحصار الذي يعاني منه المحتل الخليفي وإفلاسه سياسيا واخلاقيا. فحين يجد الحاكم نفسه مضطرا لاستجداء الشرعية من عناصر هامشية من هذه المنطقة او تلك ويهدد من يرفض منهم زيارته في قصوره المنهوبة من اموال الشعب، وعندما يجد دبلوماسيوه انفسهم يمارسون جرائم مفزعة كمحاولة اغتيال معارض مضرب عن الطعام، او تزويد وسائل الاعلام بمعلومات خاطئة عن البلد وشعبه، فهذا يعني ان طريق سقوطهم بات معبدا لهم ليلحقوا بمن سبقهم من الطغاة والمجرمين والسفاحين.

لذلك انطلق الثوار من الذكرى السابعة والاربعين للانسحاب البريطاني من البحرين واستقلال البلاد، لتأكيد هوية الوطن والشعب من جهة، ورفض التدخل الاجنبي في البلاد او استقدام المرتزقة تحت اي مسمى، وتجديد النداء للعالم بدعم شعب البحرين الذي لن يتراجع خطوة عن طلب التحول الديمقراطي واقامة حكم القانون واحترام حقوق الانسان، والتواصل مع القوى الفاعلة في ا لمنطقة، بما لا يتضارب مع مباديء السيادة وحصانة الوطن والشعب. ستستمر هذه السياسة حتى يتحقق الوعد الالهي بنصر عباده الصالحين: “انا لننصر رسلنا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الاشهاد”

اللهم ارحم شهداءنا الابرار، واجعل لهم قدم صدق عندك، وفك قيد أسرانا يا رب العالمين

حركة احرار البحرين الاسلامية

17 اغسطس 2018

 

 

 

 

زر الذهاب إلى الأعلى